أدب الضيافة - جعفر البياتي - الصفحة ١٨٠
فيها على غيرنا وجب، وكأن الذي نرى من الأموات سفر (1) عما قليل إلينا راجعون، نبوئهم أجداثهم (2)، ونأكل تراثهم، قد نسينا كل واعظ وواعظة، ورمينا بكل جائحة (3)، وعجبت لمن نسي الموت وهو يرى الموت (4)!
فالموت لابد ناقلنا إلى دار أخرى، اذن.. فنحن هنا في دنيانا هذه ضيوف، ليست لنا بدار مقامة إذ هي دار ممر، لا دار مقر، قال " تعالى " (إنما هذه الحياة الدنيا متاع، وإن الآخرة هي دار القرار) (5)، وجاء عن الإمام علي صلوات الله عليه " أنه قال: إنما الدنيا دار مجاز، والآخرة دار قرار (6).
فلما لم يكن لنا هنا قرار فنحن على سفر قريب، ورحيل وشيك، وهذه هي حال الضيف.. قال رسول الله " صلى الله عليه وآله ": أيها الناس! إن من في الدنيا ضيف، وما في أيديكم

(١) أي مسافرون.
٢) أي ننزلهم في قبورهم.
٣) آفة مهلكة، أو داهية.
(٤) بحار الأنوار ٦: ١٣٦ - باب حب لقاء الله وذم الفرار من الدنيا، وقريب منه نهج البلاغة: الحكمة 122.
(5) سورة المؤمن: 39.
(6) نهج البلاغة: الخطبة 203.
(١٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 ... » »»
الفهرست