يلبث الحسن بعدما بايعوه إلا قليلا حتى طعن طعنة أشوته فازداد لهم بغضا وازداد منهم ذعرا.
قال أبو الفرج: وبعث معاوية إلى الحسن للصلح وشرط ألا يتبع أحد بما مضى، ولا ينال من شيعة علي بمكروه، ولا يذكر عليا إلا بخير، وأشياء اشترطها الحسن.
ثم دخل معاوية الكوفة، وخطبهم فقال:
إني والله ما قاتلتكم لتصلوا، ولا لتصوموا، ولا لتحجوا، ولا لتزكوا، إنكم لتفعلون ذلك، إنما قاتلتكم لاتأمر عليكم، وقد أعطاني الله ذلك وأنتم كارهون (136).
وقال: ألا إن كل شئ أعطيته الحسن فتحت قدمي هاتين (137).
معاوية في بادئ عهده:
صفا الجو لمعاوية بعد قتل علي، وتسليم الحسن الامر إليه، غير أن البلاد الاسلامية في الجزيرة العربية كانت قد ضعضعتها غارات جيش معاوية عليها، وقلوب الناس تغلي عليه كالمرجل بما قتل من رجالها في صفين، وما بعد صفين، باسم الطلب بدم عثمان، فاتبع سياسة المداراة، والمهادنة مع أعدائه في الخارج.
قال اليعقوبي (138): ورجع معاوية إلى الشام سنة إحدى وأربعين، وبلغه أن طاغية الروم قد زحف في جموع كثيرة، وخلق عظيم، فخاف أن يشغله عما يحتاج إلى تدبيره، وإحكامه، فوجه إلى فصالحه على مائة ألف دينار.