داهية العرب ومعه الأموال، وقد تحصن بأرض فارس وقلاعها يدبر الأمور، فما يؤمنني أن يبايع لرجل من أهل هذا البيت، فإذا هو قد أعادها جذعة، فذهب إليه المغيرة، وقال له: إن هذا الامر لا يمد إليه أحد يدا إلا الحسن بن علي، وقد بايع لمعاوية، فخذها لنفسك قبل التوطين، قال زياد: فأشر علي، قال: أرى أن تنقل أصلك إلى أصله، وتصل حبلك بحبله، وتعير الناس أذنا صماء، فقال زياد: يا ابن شعبة! أأغرس عودا في غير منتبه؟ ثم إن زيادا عزم على قبول الدعوى. وأخذ برأي ابن شعبة، ثم وفد إلى معاوية، فأرسلت إليه جويرية بنت أبي سفيان عن أمر أخيها معاوية، فلما أتاها كشفت عن شعرها بين يديه، وقالت: أنت أخي، أخبرني بذلك أبو مريم، ثم أخرجه معاوية إلى المسجد وجمع الناس وحضر من يشهد لزياد وكان فيمن حضر أبو مريم السلولي، فقال له معاوية: بم تشهد يا أبا مريم؟ فقال أبو مريم: أنا أشهد أن أبا سفيان قدم علينا بالطائف وأنا خمار في الجاهلية، فقال ابغني بغيا فقلت له: ليس عندي إلا جارية الحرث بن كلدة سمية، فقال: ائتني بها على قذرها وذفرها، فقال له زياد: مهلا يا أبا مريم إنما بعثت شاهدا، ولم تبعث شاتما، فقال أبو مريم: لو كنتم أعفيتموني لكان أحب إلي، وإنما شهدت بما عاينت ورأيت، والله لقد أخذ بكم درعها، وأغلقت الباب عليهما، وقعدت دهشانا، فلم ألبث أن خرج علي يمسح جبينه، فقلت: مه يا أبا سفيان؟ فقال: ما أصبت مثلها يا أبا مريم لولا استرخاء من ثديها، وذفر فيها، فقام زياد فقال:
أيها الناس! هذا الشاهد قد ذكر ما سمعتم، ولست أدري حق ذلك من باطله، وإنما كان عبيد والدا مبرورا، أو وليا مشكورا، والشهود أعلم بما قالوا، فقام يونس بن عبيد بن أسد بن علاج الثقفي أخو صفية مولاة سمية، فقال:
يا معاوية! قضى رسول الله صلى الله عليه وآله أن الولد للفراش، وللعاهر الحجر، وقضيت أنت أن الولد للعاهر، وأن الحجر للفراش مخالفة لكتاب الله تعالى، وانصرافا عن سنة رسول الله صلى الله عليه وآله بشهادة أبي مريم على زنا أبي سفيان، فقال معاوية: والله يا يونس لتنتهين أو لأطيرن بك طيرة بطيئا وقوعها، فقال يونس: