أحاديث أم المؤمنين عائشة - السيد مرتضى العسكري - ج ١ - الصفحة ٣٢٤
وصانع الرجال ذوي الدهاء والخطر، فولى المغيرة بن شعبة الكوفة بعد أن كان قد أعطى مصر طعمة لعمرو بن العاص مدة حياته، وبقي زياد بن عبيد شوكة إلى جنبه، فأقض أمره مضجعه (142) فعالجه علاج امرئ حازم في دنياه غير آبه لدينه حين استلحقه بنسبه، ووافق ذلك هوى في نفس زياد فرغب في ذلك أشد الرغبة بما نقل نسبه من ثقيف إلى قريش، ومن عبيد إلى أبي سفيان، فأصبح أخا لخليفة المسلمين بعد أن كان امرءا وضيع النسب خسيس الحسب.
وقصة الاستلحاق على ما ذكر المسعودي، وابن الأثير وغيرهما (143) هي أن سمية كانت جارية للحرث بن كلدة الطبيب الثقفي وكانت من البغايا ذوات الرايات بالطائف، وتؤدي الضريبة إلى الحرث بن كلدة، وكانت تنزل في حارة البغايا خارجا عن الحضر، وكان الحرث قد زوها من غلام رومي له اسمه عبيد، ونزل أبو سفيان في أحد أسفاره في الجاهلية إلى الطائف على خمار يقال له: أبو مريم السلولي، فقال له: قد اشتهيت النساء فالتمس لي بغيا، فقال له: هل لك في سمية؟ فقال: هاتها على طول ثديها، وذفر بطنها، فأتاه بها فوقع عليها، فعلقت بزياد، ثم وضعته سنة إحدى من الهجرة، وذكروا في سبب استلحاق معاوية زيادا إلى نسبه: أن عليا لما ولي الخلافة استعمل زيادا على فارس، فضبطها وحمى قلاعها، فساء معاوية ذلك، فكتب إليه يتهدده، ويعرض له بولادة أبي سفيان، ولما قتل علي، وصالح الحسن معاوية خاف معاوية منه، فأرسل إلى المغيرة وقال له: ذكرت زيادا واعتصامه بفارس، وهو

(142) أخبار زياد والحجاج في العقد الفريد 3 / 239.
(143) قصة استلحاق زياد بترجمته في الاستيعاب، وابن عساكر 5 / 409، وأسد الغابة، والإصابة، وفي ذكر أيام معاوية وسيرته من مروج الذهب 2 / 54، واليعقوبي 2 / 195، وابن كثير 8 / 28، وأبو الفداء ص 194، وفي حوادث سنة 44 عند ابن الأثير 3 / 192 بتفصيل واف، ولمح إليه الطبري في 4 / 259، وبعض أخباره بترجمة يزيد بن المفرغ الشاعر من الأغاني ط. ساسي 17 / 51 73.
(٣٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 319 320 321 322 323 324 325 326 327 328 329 ... » »»