وفي داخل البلاد الاسلامية اتبع سياسة اللين لتثبيت أساس ملكه حتى أنه قيل فيه: إن معاوية عمل سنتين، عمل عمر ما يخرم فيه، ثم بعد عن ذلك (139).
ونسي معاوية بعد أن استولى على الملك دم عثمان، والطلب بثأره:
قال ابن عبد ربه (140): قدم معاوية المدينة بعد عام الجماعة، فدخل دار عثمان بن عفان، فصاحت عائشة ابنة عثمان، وبكت، ونادت أباها:
وا عثماناه، تحرض بذلك معاوية على القيام بطلب ثأره.
فقال معاوية: يا ابنة أخي إن الناس أعطونا طاعة وأعطيناهم أمانا، وأظهرنا لهم حلما تحته غضب، وأظهروا لنا ذلا تحته حقد، ومع كل انسان سيفه، ويرى موضع أصحابه، فإن نكثنا بهم نكثوا بنا، ولا ندري أعلينا تكون الدائرة أم لنا، ولئن تكوني ابنة عم أمير المؤمنين خير من أن تكوني امرأة من عرض الناس.
وأغدق العطاء على الرؤساء، فمالوا إليه، قال الطبري (141): إن الحتات بن يزيد المجاشعي وفد على معاوية في جماعة من الرؤساء، فأعطى كلا منهم مائة ألف، وأعطى الحتات سبعين ألفا، فلما رجعوا، وكانوا ببعض الطريق، أخبر بعضهم بعضا بجائزته، فرجع الحتات إلى معاوية يعاتبه، فقال له فيما قال:
ما بالك خسست بي دون القوم!؟ فقال: اشتريت من القوم دينهم، ووكلتك إلى دينك، ورأيك في عثمان، فقال: وأنا فاشتر مني ديني، فأمر له بتمام جائزته.