ما مروا به من القرى، ويحربوا الأموال (*)، وينهبوا أموال كل من أصابوا له مالا ممن لم يكن دخل في طاعة معاوية، ويستعرضوا الناس، ويقتلوا من كان في طاعة علي، ولا يكفوا أيديهم عن النساء والصبيان.
كان لابد لاحدى هاتين السياستين: السياسة التي تأمر بسلب أموال الناس أن تغلب التي تنهى عنها. ولذلك كان أهل العراق يتثاقلون عن تلبية نداء علي، وأهل الشام يتبادرون إلى نداء معاوية، ولو سمح علي لأهل العراق ما أمر به معاوية أهل الشام، لضيعوا على معاوية سياسته ودهاءه، ولكن عليا كان يقول: " أما والله إني لعالم بما يصلحكم ولكن في ذلك فسادي " (128).
حارب معاوية عليا باسم الطلب بدم عثمان، ولكن، هل كانت هذه القرى المسلمة الآمنة من العراق إلى الحجاز حتى اليمن مشاركة في دم عثمان؟
وهل ان عشرات الألوف من القتلى الذين أبادتهم غارات معاوية أهلكوا في سبيل الطلب بدم عثمان؟ وهل إن المسبيات من المسلمات والقتلى من الأطفال الصغار، كان عليهن وعليهم وزر دم عثمان؟ كلا! ولكن معاوية كان يبتغي الملك، وكانت الغاية لديه تبرر الواسطة.
هذا معاوية في عصر علي. ولما قتل علي بسيف ابن ملجم، وبايع المسلمون الحسن، كتب إلى معاوية يطلب منه البيعة، فأبى عليه، ثم سار معاوية بجيوشه نحو العراق فخرج الحسن في جيوشه، وساق أمامه ابن عمه عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب في اثني عشر ألفا من فرسان العرب، وقراء الكوفة، وآزره بقيس بن سعد بن عبادة، ولما لقي عبيد الله بن العباس معاوية، ووقف بإزائه. جرت بعض المناوشات بين الجيشين. ثم احتال معاوية على عبيد الله، وأرسل إليه في الليل قائلا له: إن الحسن قد راسلني في الصلح، فإن دخلت في طاعتي الآن كنت متبوعا، وإلا دخلت وأنت تابع،