أحاديث أم المؤمنين عائشة - السيد مرتضى العسكري - ج ١ - الصفحة ٣٢٧
وفعل معاوية بالشام والجزيرة واليمن مثل ما فعل بالعراق من استصفاء ما كان للملوك من الضياع وتصييرها لنفسه خالصة، وأقطعها أهل بيته وخاصته. وكان أول من كانت له الصوافي في جميع الدنيا، حتى بمكة والمدينة، فإنه كان فيهما شئ يحمل في كل سنة من أوساق التمر والحنطة (147)، وأقطع فدكا مروان خاصة (148).
ثم شدد النكير على من ناوأه، ولما صار إلى المدينة أتاه جماعة من بني هاشم، وكلموه في أمورهم، فقال: أما ترضون يا بني هاشم أن نقركم على دمائكم وقد قتلتم عثمان حتى تقولوا ما تقولون؟ فوالله لأنتم أحل دما من كذا وكذا، وأعظم في القول. فقال له ابن عباس: كل ما قلت لنا يا معاوية من شر بين دفتيك، أنت والله أولى بذلك منا، أنت قتلت عثمان، ثم قمت تغمص على الناس أنك تطلب بدمه. فانكسر معاوية.. الحديد. ثم كلمه الأنصار، فاغلظ لهم في القول، وقال لهم: ما فعلت نواضحكم؟ قالوا:
أفنيناها يوم بدر لما قتلنا أخاك وجدك وخالك، ولكنا نفعل ما أوصانا به رسول الله. قال: ما أوصاكم به؟ قالوا: أوصانا بالصبر. قال: فاصبروا.
ثم أدلج معاوية إلى الشام ولم يقض لهم حاجة (149).
وأمر معاوية بمنبر النبي صلى الله عليه وآله أن يحمل من المدينة إلى الشام وقال: لا يترك هو وعصا النبي بالمدينة، وهم قتلة عثمان، وطلب العصا، وحرك المنبر فكسفت الشمس فتركهما. وقيل: إن الصحابة منعوه عن ذلك (150).
وكان أشد الناس بلاء يومذاك شيعة علي خاصة، فقد كان أمر ولاته بلعن علي على المنبر، وقال للمغيرة بن شعبة لما ولاه الكوفة سنة إحدى

(147) المصدر السابق ص 234 و (الوسق) بفتح أوله وثانيه: ستون صاعا أو حمل بعير.
(148) المصدر السابق ص 305.
(149) اليعقوبي ط. دار بيروت 2 / 223 والنواضح، مفردها الناضح: البعير يستقى عليه.
(150) ابن الأثير 3 / 199، ومروج الذهب. ط. السعادة 3 / 35.
(٣٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 322 323 324 325 326 327 328 329 330 331 332 ... » »»