كانت عائشة في طريقها إلى مكة وبمكة تتفاءل بتسابق الناس إلى بيعة تلك اليد الشلاء وقد كانت تتنسم أخبار المدينة بتلهف شديد.
وقد روى الطبري (145) انه قدم على أم المؤمنين مكة رجل يقال له:
الأخضر، فقالت: ما صنع الناس؟
فقال: قتل عثمان المصريين!
فقالت: إنا لله وإنا إليه راجعون، أيقتل قوما جاءوا يطلبون الحق وينكرون الظلم!؟ والله لا نرضى بهذا. ثم قدم آخر.
فقالت: ما صنع الناس؟
قال: قتل المصريون عثمان!
قالت: العجب لأخضر زعم أن المقتول هو القاتل، فكان يضرب المثل، " اكذب من أخضر ".
وقال البلاذري (146): فلما بلغها أمره وهي بمكة أمرت بقبتها فضربت في المسجد الحرام وقالت: إني رأى عثمان سيشأم قومه كما شأم أبو سفيان قومه يوم بدر.
وقد روي عن طرق مختلفة (147) أن عائشة لما بلغها قتل عثمان وهي بمكة قالت: أبعده الله. ذلك بما قدمت يداه وما الله بظلام للعبيد، وكانت تقول:
أبعده الله، قتله ذنبه، وأقاده الله بعمله، يا معشر قريش لا يسومنكم قتل عثمان كما سام أحمر ثمود قومه، إن أحق الناس بهذا الامر ذو الإصبع. ثم أقبلت مسرعة إلى المدينة وهي لا تشك في أن طلحة هو صاحب الامر، وكانت تقول:
بعدا لنعثل وسحقا، إيه ذا الأصبغ، إيه أبا شبل، إيه ابن عم، لله أبوك أما