صاحبنا، فغضب علي وقال:
" أما ما ذكرت من وتري إياكم فالحق وتركم، وأما وضعي عنكم عما في أيديكم مما كان لله وللمسلمين فالعد يسعكم، وأما قتلي قتلة عثمان فلو لزمني قتلهم اليوم لزمني قتالهم غدا، ولكن لكم أن أحملكم على كتاب الله، وسنة نبيه. فمن ضاق الحق عليه، فالباطل عليه أضيق. وإن شئتم فالحقوا بملاحقكم ".
فقال مروان: " بل نبايعك، ونقيم معك. فترى ونرى ".
غايتنا من عرض هذه الحوادث:
لا يهمنا من عرض هذه الحوادث ما يهم الكتاب العقائديين المتكلمين من هجوم ودفاع، أو مدح وذم، ولا نبحث بحث الفقيه عن حكم قتل الخليفة وقاتله في الشريعة الاسلامية. وصواب اجتهاد أم المؤمنين أو خطأه، ولسنا بصدد صرد الوقائع التاريخية لنلم بها من جميع نواحيها. ليس كل ذلك ما يهمنا، وإنما يهمنا من هذا العرض ما يكون سبيلا ممهدا لفهم أحاديث أم المؤمنين من حيث دراسة شخصيتها كما ذكرنا ذلك غير مرة، ولذلك فقد تركنا ذكر حوادث لا تتصل بموضوع بحثنا كاللاتي نقم فيها على عثمان مما لم يكن لام المؤمنين فيها دور مذكور، وأوجزنا ذكر غيرها مما لا يتصل ببحثنا اتصالا مباشرا كواقعة الدار، وبيعة علي إلى نظائرها السابقة الذكر أو الآتية، مما ذكرناها لاتصالها ببعض الأبحاث التي نروم بحثها، ولما فيها من مواقف لافراد من أسرة أم المؤمنين كأخيها محمد وابن عمها طلحة، مما نريد أن نعرف منها مدى مقدرة أم المؤمنين السياسية، وعظم نفوذها في الناس، وخبرتها بما يؤثر في النفوس، وكيف أنها استطاعت أن تزعزع كيان خليفتين من الراشدين، فأفتت بقتل خليفة فقتل، وأنه لولاها لما تعدى الامر حصره إلى قتله، ولم يجرؤ أحدى على إراقة دم الخليفة، وهتك حرمة الخلافة، وكيف انقلبت من مفتية بقتله إلى طالبة بثأره بعد فشلها في خطتها المدبرة بتأمير ابن عمها طلحة، وكيف