استطاعت أن تبرئ القاتل وتجعله مطالبا بثأر القتيل ومن أذب الناس عنه، وكيف استطاعت أن تجمع بين القاتلين والموتورين في جيش واحد، وكيف استطاعت أن تتهم عليا بقتل عثمان وكان أنصح الناس له وأجداهم نفعا في الدفاع عنه، وكيف استطاعت أن تثور المسلمين على علي مع سوابقه الشهيرة.
هذه المقدرة السياسية الفذة في التاريخ امتازت بها أم المؤمنين على غيرها. ولم يعن إلى اليوم بدراستها دراسة موضوعية صحيحة (152) فنسأل الله أن يوفقنا للسير في هذا الطريق وإكماله.
بواعث حرب الجمل:
اضطر طلحة والزبير تحت ضغط الرأي العام أن يقطعا أملهما في الخلافة، ويبادرا إلى بيعة علي قبل غيرهما ليمنا بذلك عليه، ويكون لهما السهم الأوفر في عهده، غير أنه لم يميز بينهما وبين الآخرين من أفراد المسلمين، فخاب فألهما، وضاع أملهما في علي، وكانا يراجعانه في ما كانا يبغيان من الحظوة بالامرة على ما ذكره اليعقوبي (153) في تاريخه وقال:
أتاه طلحة والزبير، فقالا: إنه قد نالتنا بعد رسول الله جفوة فأشركنا في أمرك، فقال:
" أنتما شريكاي في القوة والاستقامة وعوناي على العجز والاود ".
وروى بعضهم: أنه ولى طلحة اليمن والزبير اليمامة والبحرين، فلما دفع إليهما عهديهما، قالا له: وصلتك رحم، قال: