في أن الغلام من ملك اليمين وهو حرام لا يحل، وإن الأم من الرضاعة من ملك اليمين والأخت من الرضاعة من ملك اليمين، وكلتاهما متفق على تحريمهما، أو الأمة يملكها الرجل قد تزوجها أبوه ووطأها وولد منها حرام على الابن.
وقال: ثم نظرنا في قوله تعالى: وأن تجمعوا بين الأختين. وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن. ولا تنكح المشركات حتى يؤمن. ولم يأت نص ولا إجماع على أنه مخصوص حاش زواج الكتابيات فقط، فلا يحل تخصيص نص لا برهان على تخصيصه، وإذ لا بد من تخصيص ما هذه صفتها أو تخصيص نص آخر لا خلاف في أنه مخصص، فتخصيص المخصوص هو الذي لا يجوز غيره. ا ه.
وأما ما قيل (1) من أن الآية المحللة قوله تعالى: وأحل لكم ما وراء ذلكم.
في ذيل آية عد المحرمات فباطل أيضا فإنه بمنزلة الاستثناء مما قبله من المحرمات ومنها الجمع بين الأختين، وقد عرفت إن الأمة صحابيها وتابعيها وفقهائها مجمعة على عدم الفرق في حرمة الجمع بين الأختين في الوطئ نكاحا وملك يمين، ولم يفرقوا بينهما قط، وهو الحجة، على أن ملاك التحريم في النكاح وهو الوطي موجود في ملك اليمين فالحكم فيهما شرع سواء في المراد مما وراء ذلك هوما وراء المذكورات كلها من الأمهات والبنات إلى آخر ما فيها، ومنها الجمع بين الأختين بقسميه.
وعلى فرض الاغضاء عن كل هذه وعن أسباب نزول الآيات وتسليم إمكان المعارضة بين الآيتين فإن دليل الحظر مقدم على دليل الإباحة في صورة التعارض ووحدة سبب الدليلين كما بينه علماء علم الأصول ونص عليه في هذه المسألة الجصاص في أحكام القرآن 2: 158، والرازي في تفسيره 3: 193.
لكن عثمان كان لا يعرف كل هذا، ولا أحاط بشئ من أسباب نزول الآيات فطفق يغلب دليل الإباحة في مزعمته على دليل التحريم المتسالم عليه عند الكل، وقد عزب عنه حكم العقل المستدعي لتقديم أدلة الحرمة دفعا للضرر المحتمل، وقد شذ بذلك عن جميع الأمة كما عرفت تفصيله ولم يوافقه على هذا الحسبان أي أحد إلا ما يعزى