الغدير - الشيخ الأميني - ج ٨ - الصفحة ٢١٣
وذكر الشوكاني في نيل الأوطار 5: 26 جواز تقديم الاحرام على الميقات مستدلا عليه بما مر في قوله تعالى: وأتموا الحج والعمرة لله. ثم قال:
وأما قول صاحب المنار: إنه لو كان أفضل لما تركه جميع الصحابة. فكلام على غير قانون الاستدلال، وقد حكى في التلخيص إنه فسره ابن عيينة فيما حكاه عنه أحمد بأن ينشئ لهما سفرا من أهله. لكن لا يناسب لفظ الاهلال الواقع في حديث الباب ولفظ الاحرام الواقع في حديث أبي هريرة. ا ه‍.
والامعان في هذه المأثورات من الأحاديث والكلم يعطي حصول الإجماع على جواز تقديم الاحرام على الميقات، وإن الخلاف في الأفضل من التقديم والاحرام من الميقات، لكن الخليفة لم يعطي النظر حقه، ولم يوف للاجتهاد نصيبه، أو أنه عزبت عنه السنة المأثورة، فطفق يلوم عبد الله بن عامر، أو أنه أحب أن يكون له في المسألة رأي خاص، وقد قال شمس الدين أبو عبد الله الذهبي:
العلم قال الله قال رسوله * إن صح والاجماع فاجهد فيه وحذار من نصب الخلاف جهالة * بين الرسول وبين رأي فقيه وهلم معي واعطف النظرة فيما ذكرناه عن ابن حزم من أن عثمان لا يعيب عملا صالحا. الخ. فإنه غير مدعوم بالحجة غير حسن الظن بعثمان، وهذا يجري في أعمال المسلمين كافة ما لم يزع عنه وازع، وسيرة الرجل تأبي عن الظن الحسن به، وأما مسألتنا هذه فقد عرفنا فيها السنة الثابتة وإن نهي عثمان مخالف لها، وليس من الهين الفت في عضد السنة لتعظيم إنسان وتبرير عمله، فإن المتبع في كافة القرب ما ثبت من الشرع، ومن خالفه عيب عليه كائنا من كان.
وأما تشبثه بالهوان بالنسك فتافه جدا، وأي هوان بها في التأهب لها قبل ميقاتها بقربة مطلقة إن لم يكن تعظيما لشعائر الله، وإنما الهوان المحرم بالنسك إدخال الآراء فيها على الميول والشهوات، ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال و هذا حرام لتفتروا على الله الكذب، إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون.
" النمل 116 ".
(٢١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 ... » »»