آية وحرمتهما آية، فأما أنا فلا أحب أن أصنع ذلك. قال: فخرج من عنده فلقي رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن ذلك فقال: لو كان لي من الأمر شئ ثم وجدت أحدا فعل ذلك لجعلته نكالا. قال ابن شهاب: أراه علي بن أبي طالب.
(لفظ آخر للبيهقي) عن ابن شهاب قال أخبرني قبيصة بن ذؤيب: إن نيارا الأسلمي سأل رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الأختين فيما ملكت اليمين فقال له: أحلتهما آية وحرمتهما آية، ولم أكن لأفعل ذلك. قال: فخرج نيار من عند ذلك الرجل فلقيه رجل آخر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما أفتاك به صاحبك الذي استفيته فأخبره فقال: إني أنهاك عنهما ولو جمعت بينهما ولي عليك سلطان عاقبتك عقوبة منكلة.
قال ملك العلماء في البدايع: وروي عن عثمان رضي الله عنه أنه قال: كل شئ حرمه الله تعالى من الحرائر حرمه الله تعالى من الإماء إلا الجمع في الوطئ بملك اليمين وقال الجصاص في أحكام القرآن: وروي عن عثمان وابن عباس إنهما أباحا ذلك وقالا: أحلتهما آية وحرمتهما آية. وقال: روي عن عثمان الإباحة، وروي عنه أنه ذكر التحريم والتحليل وقال: لا آمر به ولا أنهى عنه. وهذا القول منه يدل على أنه كان ناظرا فيه غير قاطع بالتحليل والتحريم فيه فجائز أن يكون قال فيه بالإباحة ثم وقف فيه، وقطع علي فيه بالتحريم.
وقال الزمخشري: أما الجمع بينهما في ملك اليمين فعن عثمان وعلي رضي الله عنهما أنهما قالا: أحلتهما آية وحرمتهما آية. فرجح علي التحريم وعثمان التحليل.
قال الرازي: عن عثمان أنه قال: أحلتهما آية وحرمتهما آية والتحليل أولى قال ابن عبد البر في كتاب الاستذكار (1): إنما كنى قبيصة بن ذؤيب عن علي بن أبي طالب لصحبته عبد الملك بن مروان، وكانوا يستثقلون ذكر علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
راجع السنن الكبرى للبيهقي 7: 164، أحكام القرآن للجصاص 2: 158، المحلى لابن حزم 9: 522، تفسير الزمخشري 1: 359، تفسير القرطبي 5: 117، بدايع الصنايع