الغدير - الشيخ الأميني - ج ٦ - الصفحة ١٨٠
كتاب الله ورائه ظهريا ويلزمهم بما رأوا، هذا الذكر الحكيم يقول بكل صراحة:
الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان. إلى قوله تعالى: فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره. فقد أوجب سبحانه تحقيق المرتين والتحريم بعد الثالث، وذلك لا يجامع جمع التطليقات بكلمة - ثلاثا - ولا بتكرار صيغة الطلاق ثلاثا متعاقبة بلا تخلل عقدة النكاح بينها.
أما الأول: فلأنه طلاق واحد وقول - ثلاثا - لا يكرره ألا ترى؟ أن الوحدة المأخوذة في الفاتحة في ركعات الصلاة لا تكرر لو شفعها المصلي بقوله: خمسا أو عشرا، ولا يقال: إنه كرر السورة وقرأها غير مرة.
وكذلك كل حكم اعتبر فيه العدد كرمي الجمرات السبع فلا يجزي عنه رمي الحصيات مرة واحدة، وكالشهادات الأربع في اللعان لا تجزي عنها شهادة واحدة مشفوعة بقوله - أربعا -.
وكفصول الأذان المأخوذة فيها التثنية لا يتأتى التكرار فيها بقراءة واحدة و إردافها بقول - مرتين -.
وكتكبيرات صلاة العيدين الخمس أو السبع المتوالية - عند القوم - قبل القراءة (1) لا تتأتى بتكبيرة واحدة بعدها قول المصلي خمسا أو سبعا.
وكصلاة التسبيح (2) وقد أخذ في تسبيحاتها العدد عشرا وخمسة عشر فلا تجزي عنها تسبيحة واحدة مردوفة بقوله عشرا أو خمسة عشر. وهذه كلها مما لا خلاف فيه.
وأما الثاني فإن الطلاق يحصل باللفظ الأول، وتقع به البينونة، وتسرح به المعقودة بالنكاح، ولا يبقى ما بعده إلا لغوا، فإن المطلقة لا تطلق، والمسرحة لا تسرح، فلا يحصل به العدد المأخوذ في موضوع الحكم، بل تعدد الطلاق يستلزم تخلل عقدة الزواج بين الطلاقين ولو بالرجوع، ومهما لم تتخلل يقع الطلاق الثاني لغوا و يبطله قوله صلى الله عليه وآله وسلم: لا طلاق إلا بعد نكاح. وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: لا طلاق قبل نكاح. وقوله

(١) السنن الكبرى ٣ ص ٢٨٥ - 291.
(2) صلاة التسبيح هي المسماة بصلاة جعفر عند أصحابنا، ولا خلاف بين الفريقين في فضلها وكمها وكيفها، غير أن أئمة القوم أخرجوها في الصحاح والمسانيد عن ابن عباس.
(١٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 ... » »»