رؤس ذلك الجمع الحاشد الطائش اللب الحائر الفكر، الذي يحوم حول دار النبوة والوحي، يرقب منها - على عادته - أن تبعث له بما يطمن خاطره ويهدئ روعه ويعرفه مستقبل أمره، حتى أصبح الناس كالغنم المطيرة في الليلة الشاتية (كما في الحديث).
ولكن.. ولكن عمر بن الخطاب صاحب رسول الله ذلك الرجل الحديدي أبى على الناس تصديقهم بموت نبيهم، إذ طلع صارخا مهددا " وقد قطع عليهم تفكيرهم وهواجسهم " وراح يهتف بهم: " ما مات رسول الله ولا يموت حتى يظهر دينه على الدين كله. وليرجعن فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم ممن أرجف بموته. لا أسمع رجلا يقول مات رسول الله إلا ضربته بسيفي ".
أتراك " لو خلوت بنفسك وأنت هادئ الأفكار " تقتنع بوحي هذه الفكرة من هذا الذي لا يقعقع له بالشنان، وأنت لا تدري لماذا رسول الله يقطع أيدي وأرجل من أرجف بموته، أو بالأصح من قال بموته؟ ولأي ذنب يستحق الضرب بالسيف هذا القائل؟ ومن أين علم أن رسول الله لا يموت حتى يظهر دينه على الدين كله؟ وما هذا الرجوع؟ أرجوع بعد الموت أو بعد غيبة " كغيبة موسى بن عمران كما يدعيها عمر بن الخطاب في بعض الحديث " ولكنها أية غيبة هذه وهو مسجى بين أهله لا حراك فيه؟
إلا أني أعتقد أنك لو كنت ممن ضمه هذا الاجتماع