النص والإجتهاد - السيد شرف الدين - الصفحة ٦٠٠
ولذا صبروا عليهم السلام وفي العين منهم قذى، وفي الحلق شجي، عملا بهذه الأوامر المقدسية، وغيرها مما عهد النبي إليهم بالخصوص، احتياطا على الأمة، واحتفاظا بالشوكة، وإيثار للدين، وضنا بريح المسلمين، فكانوا عليهم السلام كما قلناه (في المراجعات وغيرها من كتبنا) يتحرون للقائمين، بأمور الأمة وجوه النصح، وهم - من استئثارهم - على أمر من العلقم ويتوخون لهم مناهج الرشد وهم - من تبوئهم عرشهم - على آلم للقلب من حز الشفار تنفيذا للعهد، وعملا بمقتضى العقد، وقياما بالواجب عقلا وشرعا من تقديم الأهم (في مقام التعارض) على المهم، وبهذا محض أمير المؤمنين كلا من الخلفاء الثلاثة نصحه، واجتهد لهم في المشورة، فإنه بعد أن يئس من حقه في الخلافة شق بنفسه طريق الموادعة، وآثر مسالمة القائمين بالأمر، فكان يرى عرشه - المعهود به إليه - في قبضتهم فلم يحاربهم عليه، ولم يدافعهم عنه، احتفاظا بالأمة، واحتياطا على الملة، وضنا بالدين وإيثارا للأجلة على العاجلة، وقد مني بما لم يمن به أحد، حيث وقف بين خطبين فادحين:
الخلافة بنصوصها وعهودها إلى جانب تستصرخه وتستفزه إليها بصوت يدمي الفؤاد، وشكوى تفتت الأكباد، والفتن الطاغية، إلى جانب آخر تنذره بانتقاض الجزيرة وانقلاب العرب، واجتياح الإسلام، وتهدده بالمنافقين من أهل المدينة وقد مردوا على النفاق، وبمن حولهم من الأعراب وهم منافقون بنص الكتاب، بل هم أشد كفرا ونفاقا، وأجدر ألا يعلموا حدود
(٦٠٠)
مفاتيح البحث: الحلق (1)، الصبر (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 590 591 592 593 594 595 596 597 600 601 602 » »»