النص والإجتهاد - السيد شرف الدين - الصفحة ٥٢٢
فليتني أدري أين ذهب المنافقون بعد رسول الله صلى الله عليه وآله؟ وكانوا قد جرعوه الغصص مدة حياته، حتى دحرجوا الدباب (1) وصدوه عن الكتاب (813).
وقد أجمع أهل الأخبار أنه صلى الله عليه وآله خرج أحد بألف من أصحابه، فرجع منهم قبل الوصول ثلاثمائة من المنافقين (814) وربما بقي من المنافقين من لم يرجعوا خوف الشهرة. على أنه لو لم يكن في الألف إلا ثلاثمائة منافق لكفى دليلا على أن النفاق كان زمن الوحي فاشيا بينهم، فكيف انقطع بمجرد انقطاع الوحي، ولحوق النبي صلى الله عليه وآله بالرفيق الأعلى؟. فهل كانت حياته سببا في نفاق المنافقين؟ أو موته سببا في إيمانهم وعدالتهم، وصيرورتهم أفضل الخلائق بعد الأنبياء؟. وكيف انقلبت حقائقهم بوفاته؟. فأصبحوا - بعد ذلك النفاق - بمثابة من القدس لا يقدح لها فيها شئ مما ارتكبوه من الجرائم والعظائم؟؟.
وما المقتضي للالتزام بهذه المكابرات التي تنفر منها الأسماع والأبصار والأفئدة؟؟.
على أن في الكتاب والسنة ما يثبت بقاء المنافقين على نفاقهم، لا يؤوبون إلى الله تعالى ولا يرعوون. وحسبك من محكمات الكتاب قوله عز من قائل:

(١) كان قوم من الصحابة دحرجوا الدباب ليلة العقبة لينفروا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ناقته فيطرحوه، وكان صلى الله عليه وآله إذ ذاك راجعا من وقعة تبوك التي استخلف فيها عليا. وحديث أحمد بن حنبل في آخر الجزء الخامس من مسنده عن أبي الطفيل في هذه الطامة طويل، وفي آخره: أن رهطا من الصحابة لعنهم رسول الله صلى الله عليه وآله يومئذ هذا الحديث مشهور مستفيض بين المسلمين كافة (منه قدس).
(٨١٣) الذي أراد أن يكتبه الرسول صلى الله عليه وآله في مرضه: هو الأمان للأمة من الضلال ولكن عمر بن الخطاب مانعه وزعم أن النبي صلى الله عليه وآله يهجر.
راجع: ما تقدم تحت رقم (١٩٩ - ٢٠٦).
(٨١٤) نص على هذا كل من أرخ غزوة أحد من أهل السير والأخبار فراجع (منه قدس).
الكامل في التاريخ ج ٢ / 105 وكان الذين رجعوا بقيادة عبد الله بن أبي.
(٥٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 517 518 519 520 521 522 523 524 525 526 527 ... » »»