فليتني أدري أين ذهب المنافقون بعد رسول الله صلى الله عليه وآله؟ وكانوا قد جرعوه الغصص مدة حياته، حتى دحرجوا الدباب (1) وصدوه عن الكتاب (813).
وقد أجمع أهل الأخبار أنه صلى الله عليه وآله خرج أحد بألف من أصحابه، فرجع منهم قبل الوصول ثلاثمائة من المنافقين (814) وربما بقي من المنافقين من لم يرجعوا خوف الشهرة. على أنه لو لم يكن في الألف إلا ثلاثمائة منافق لكفى دليلا على أن النفاق كان زمن الوحي فاشيا بينهم، فكيف انقطع بمجرد انقطاع الوحي، ولحوق النبي صلى الله عليه وآله بالرفيق الأعلى؟. فهل كانت حياته سببا في نفاق المنافقين؟ أو موته سببا في إيمانهم وعدالتهم، وصيرورتهم أفضل الخلائق بعد الأنبياء؟. وكيف انقلبت حقائقهم بوفاته؟. فأصبحوا - بعد ذلك النفاق - بمثابة من القدس لا يقدح لها فيها شئ مما ارتكبوه من الجرائم والعظائم؟؟.
وما المقتضي للالتزام بهذه المكابرات التي تنفر منها الأسماع والأبصار والأفئدة؟؟.
على أن في الكتاب والسنة ما يثبت بقاء المنافقين على نفاقهم، لا يؤوبون إلى الله تعالى ولا يرعوون. وحسبك من محكمات الكتاب قوله عز من قائل: