ما يحدثهم الصحابي به عن رسول الله صلى الله عليه وآله من شرائع الله وأحكامه، يحتجون به ويعملون على مقتضاه، من غير بحث منهم عن عدالته، ولا عن استقامته، ولا عن صدقه وأمانته، وهذا ما لا يمكن أن يقوم على جوازه دليل من عقل أو نقل أبدا فإن الصحبة بمجردها وإن كانت فضيلة لكنها مما لا دليل على عصمتها بلا ريب فالصحابة من حيث العصمة إنما هم كسائر الناس، فيهم الثقة العدل النزيه عن معصية الله تعالى وهم كثيرون، وفيهم العصاة العتاة، وفيهم مجهول الحال.
وقد قامت الأدلة الشرعية على اشتراط عدالة الراوي للخبر الواحد مطلقا (807) وإن كان صحابيا، أما من لم يكن عدلا فلا وزن لحديثه بحكم الأدلة القطعية مطلقا أيضا، ومجهول الحال - على الإطلاق - تتبينه حتى تثبت عدالته، فنحتج حينئذ به في الفروع خاصة، دون أصول الدين، وإن لم تثبت عدالته، فلا سبيل إلى العمل بما حدث.
وهذا ما نعلمه من رأي الجمهور في خبر الآحاد، لا خلاف بيننا وبينهم فيه وإنما تجشموا في الاحتجاج بحديث الصحابة من غير بحث ولا تريث بناءا على عدالتهم أجمعين أكتعين أبصعين، وكأنهم أرادوا تقديس رسول الله صلى الله عليه وآله بتعديل أصحابه عامة، وحفظه فيهم كافة، وهذا خطأ واضح، وجهل نربأ بهم عنه، فإن تنزيهه وحفظه صلى الله عليه وآله إنما يكون بتنزيه سنته وحفظهما من تشويه الكذابة عليه، وقد أنذر أمته وحذرها بقوله صلى الله عليه وآله " ستكثر الكذابة علي