النص والإجتهاد - السيد شرف الدين - الصفحة ٣٩٤
وقد عمل هؤلاء وأولياؤهم من الإنكار على عثمان، ما أهاب بأهل المدينة وأهل الأمصار إلى خلعه وقتله (569) فلما قتل وبايع الناس عليا كان طلحة والزبير أول من بايع (570) لكن مكانتها في الشورى أطمعتهما بالخلافة، وحملتهما على نكث البيعة، والخروج على الإمام، فخرجا عليه، وخرجت معهما عائشة طمعا باستخلاف طلحة، وكان ما كان في البصرة وصفين والنهروان من الفتن الطاغية، والحروب الطاحنة: وكلها من آثار الشورى، حيث صورت أندادا لعلي ينافسونه في حقه، ويحاربونه عليه، بل نهبت معاوية إلى هذا، وأطمعته بالخلافة (1) فكان معاوية وكل واحد من أصحاب الشورى عقبة كؤودا في

(٥٦٩) الغدير للأميني ج ٩ / ١٩٨ وما بعدها وراجع بقية المصادر فيه.
(٥٧٠) أول من بايع عليا طلحة والزبير:
راجع: المعيار والموازنة للإسكافي ص ٢٢ و ٥١، تذكرة الخواص ص ٥٧، الطبقات الكبرى لابن سعد ج ٣ / ٣١، تاريخ الطبري ج ٥ / ١٥٢ و ١٥٧ و ١٩٩، الكامل لابن الأثير ج ٣ / ٩٨ ط دار الكتاب العربي، مروج الذهب للمسعودي ج ٢ / ٣٦٤ ط بيروت، أنساب الأشراف للبلاذري ج 2 / 205 ح 250 و 272 و 275 ط بيروت.
(1) أخرج أبو عثمان في كتاب السفيانية - كما في ص 62 من المجلد الأول من شرح النهج الحميدي - عن معمر بن سليمان التميمي عن أبيه عن سعيد بن المسيب عن ابن عباس قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول لأهل الشورى: إنكم إن تعاونتم وتوازرتم وتناصحتم أكلتموها وأولادكم، وإن تحاسدتم وتقاعدتم وتدابرتم وتباغضتم غلبكم على هذا الأمر معاوية بن أبي سفيان، وكان معاوية يومئذ أمير الشام من قبل عمر.
ولا يخفى ما في هذه الكلمة من ترشيح معاوية وحمله على طلب الخلافة بكل ما لديه من خول وطول، وفعل وقول، ومكر وخداع. على أن مصير الخلافة بعد عمر إلى عثمان كاف في مصيرها بعد عثمان إلى معاوية، ولذلك رتب عمر عهده بالشورى ترتيبا ينتج استخلاف عثمان كما بيناه. وبالجملة لم يقض عثمان نحبه حتى صور خمسة يكافئون عليا وينافسونه في حقه، ويحاربونه عليه ولم يكتف بهذا حتى أغرى معاوية وأطعمه في الأمر كما لا يخفى على أولي النظر (منه قدس).
(٣٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 389 390 391 392 393 394 395 396 397 398 399 ... » »»