النص والإجتهاد - السيد شرف الدين - الصفحة ٣٨١
مع ذلك يشهد فيما يبرمه من سياسته لا يلوي فيه على أحد. وكانت له وطأة على ولاته في أنفسهم وأموالهم، إذ كان يقاسمهم فيها لبيت المال عنوة، ويسوقهم بعصاه بكل قسوة، وربما حرق عليهم كما فعله مع عامله في الكوفة سعد بن أبي وقاص إذ فاجأه بتحريق قصره عليه. وخفقه بالدرة مرة إذ زاحم الناس في الوصول إليه. ورأى مرة أناسا يتبعون أبي بن كعب في الطريق، فرفع عليه الدرة ليعلوه بها. فقال له أبي: اتق الله يا أمير المؤمنين. قال عمر: فما هذا الجموع خلفك؟ يا بن كعب، أما علمت أنها فتنة للمتبوع ومذلة للتابع (541).
وكانت درته كسوط عذاب يخشاها أكابر الصحابة، حتى قيل (1) إنها كانت أهيب من سيف الحجاج (542).
وقد أوجع عمر بها أم فروة بنت أبي قحافة، يوم مات أخوها أبو بكر، إذ ناحت عليه في نسوة صحابيات ترأسهن عائشة، لم تأخذه في ذلك حرمتها، ولا احترام عائشة ولا حفظها في عمتها، ولا حفظ أبي بكر في أخته إذ جرها هشام بن الوليد سحبا إلى الطريق بكل امتهان، أخاف النسوة المجتمعات فإذا

(٥٤١) الغدير للأميني ج ٦ / ٢٧١، الكامل ج ٢ / 369، فتوح البلدان للبلاذري ص 286.
(1) كما في ص 60 من المجلد الأول من شرح النهج الحميدي (منه قدس).
(542) وقريب منه في: الطبقات لابن سعد ج 3 / 282.
(٣٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 376 377 378 379 380 381 382 383 384 385 386 ... » »»