النص والإجتهاد - السيد شرف الدين - الصفحة مقدمة المحقق ١٢
وغيرها من عشرات التعاريف التي لا تتعدى أنها شرح للإسم وليست تعاريف لحقيقة الاجتهاد خصوصا بعد تطوره واختلافه من زمن إلى آخر.
[التأويل:] عرفنا فيما سبق أنه القرن الأول الاسلامي لم يستعمل الاجتهاد كمصطلح خاص يغاير المعنى اللغوي بل يستعملونه في المعنى اللغوي فقط.
وهم يستعملون مكانه كمصطلح خاص لفظ " التأويل " فالشخص الذي يرتكب مخالفة للكتاب أو السنة ويراد أن يعتذر عنه أو يصحح عمله يقال له تأول.
وأمثلة ذلك كثيرة في الصدر الأول:
منها: أن خالد بن الوليد لما قتل مالك بن نويرة عامل رسول الله على صدقات قومه اعتذر خالد عن فعله وقال للخليفة أبي بكر:
" يا خليفة رسول الله إني تأولت وأصبت وأخطأت " (1).
ومنها: قول أبي بكر جوابا لعمر حين قال: " إن خالدا زنى فارجمه ":
" ما كنت أرجمه فإنه تأول فأخطأ " أو " هبه يا عمر، تأول فأخطأ.. " (2).
وهكذا كانوا يعتذرون لجملة من الصحابة في أعمالهم كإتمام الصلاة في حال السفر لعائشة وعثمان والحروب التي دارت بين الصحابة (3).
وتطور الاعتذار إلى حد صار إلى كل جريمة ترتكب والمرتكب في نظرهم مسكوت عنه.

(١) راجع ما يأتي ص ١٢٥.
(٢) مقدمة مرآة العقول ج ١ / ٦٧، وما يأتي من الكتاب ص ١٢٤.
(٣) صحيح مسلم باب صلاة المسافر وقصرها، وما يأتي من الكتاب ص 405 و 412.
(مقدمة المحقق ١٢)