مثلهم في هذه الأمة كباب حطة في بني إسرائيل، وكسفينة نوح في قومه (4)، فليس لأحد - وإن عظم شأنه - أن يتبع غير سبيلهم، (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم) (5) وليس لأحد أن يحمل من المأثور عن الله تعالى آية أو عن رسوله سنة إلا على ظاهرهما المتبادر منهما إلى الأذهان، وليس له أن يحيد عن الظاهر المتبادر فضلا عن المنصوص عليه بصراحة، إلا بسلطان مبين، فإن كان هناك سلطان يخرج به الظاهر عن ظاهره عمل بمقتضاه، وإلا فقد ضل وابتدع.
هذا ما عليه الأمة المسلمة - أمة محمد صلى الله عليه وآله - بجميع مذاهبها، فإن من دينهم التعبد بظواهر الكتاب والسنة، فضلا عن نصوصها الصريحة.
جروا في الأخذ بهما، والعمل على مقتضاهما مجرى أهل العرف من أهل اللغات كلها، فإن أهل اللغات بأسرهم إنما يحملون ألفاظهم المطلقة على ما يسبق منها إلى أذهانهم من المعاني، لا يتأولون منها - عند انطلاقها - شيئا، ولا يحملونها على ما تقتضيه أغراضهم ومصالحهم، شخصية كانت أم عامة.
نعم رأيت - بكل أسف - بعض ساسة السلف وكبرائهم يؤثرون اجتهادهم في ابتغاء المصالح على التعبد بظواهر الكتاب والسنة ونصوصهما