النص والإجتهاد - السيد شرف الدين - الصفحة مقدمة المحقق ١٤
الرأي وكانت مدارس الرأي كثيرة ادعى بعضهم وجودها في زمن الصحابة في الصدر الأول من الإسلام ولكن مدرسة الإمام أبي حنيفة المتوفى 150 ه‍ والمتواجدة في العراق فاقت بقية مدارس الرأي فقد بالغ بالأخذ به كمصدر أساسي للأحكام الشرعية ودليل قاطع فقد روى الخطيب البغدادي في ترجمة أبي حنيفة من تاريخ بغداد عن يوسف بن أسباط قال قال أبو حنيفة:
" لو أدركني رسول الله وأدركته لأخذ بكثير من قولي وهل الدين إلا الرأي الحسن " (1).
ولهذا تشدد في أخذ النصوص من السنة النبوية إلى حد كان يرفض جملة كبيرة منها، فقد روى الخطيب أيضا عن علي بن عاصم أنه قال:
حدثنا أبا حنيفة عن النبي فقال: لا آخذ به فقال: فقلت: عن النبي فقال:
لا آخذ به وروي أيضا عن أبي إسحاق الفزاري قال:
كنت آتي أبا حنيفة أسأله عن الشئ من أمر الغزو فسألته عن مسألة فأجاب فيها فقلت له: إنه يروى فيه عن النبي كذا وكذا قال: دعنا عن هذا.
وقال أيضا:
كان أبو حنيفة يجيئه الشئ عن النبي صلى الله عليه وآله فيخالفه إلى غيره (2).
وعلى هذا المبنى فقد أفتى بجملة من الأحكام الشرعية التي توجد كثير من الروايات على خلافها (3).
والحاصل: أن الرأي في مدرسة أبي حنيفة بل وفي غيرها يساوي الاجتهاد

(١) تاريخ بغداد ج ١٣ / 387 - 390.
(2) راجع هذه النصوص وغيرها في تاريخ بغداد للخطيب ج 13 / 387 - 390 وكتاب المجروحين لبستي ج 3 / 65 كما في مقدمة مرآة العقول ج 2.
(3) راجع ذلك في كتاب المحلى لابن حزم ج 7 / 81 و 111 و ج 8 / 351 و ج 10 / 360 وبداية المجتهد ومقدمة مرآة العقول ج 2 / 40 - 46.
(مقدمة المحقق ١٤)