عطلت فيه مجالسه ودروسه، وأشفى من طول هجره دروسه.
ثم أتاح الله سبحانه بمقتضى حكمته من عرف قدره، وبذل في خدمته وسعه، فعمر منه الدارسة وجدد معالمه الطامسة، وأيقظ من مراقد الغفلة رجالا فهمهم أسراره، وأراهم بعين البصيرة أنواره، فرغبوا في سلوك سبيله، وجهدوا على إحرازه وتحصيله، لكنهم حيث انقطعت عليهم بتلك الفترة طريق الرواية من غير جهة الإجازة قلت حظوظهم من الدراية لاحتياجها والحال هذه إلى طول الممارسة، وإكثار المطالعة والمراجعة والمتحملون لهذه الكلفة أقل قليل، والأكثرون إنما يمرون في معاهده عابري سبيل.
هذا وإن السيد الاجل الفاضل الأوحد الطاهر الورع الناسك خلاصة العلماء الأبرار، وسلالة النجباء الأطهار السيد نجم (1) بن السيد المرحوم المبرور السيد محمد الحسيني أدام الله فضله، وأطال بقاءه، وأسبغ عليه نعماءه ممن ولى شطر هذا المقصد وجه همته، وظفر من مطالبه الجليلة ببغيته.
وقد التمس من هذا الضعيف الإجازة له ولولديه السعيدين الموفقين إن شاء الله تعالى السيد أبي عبد الله محمد والسيد أبي الصلاح على أمد الله لهما في العمر، و جعلهما من أهل العمل والعلم فأديت واجب إجابته، وأجزت له ولهما رواية جميع ما يجوز لي روايته بالطرق المتصلة إلى علمائنا السابقين مصنفي كتب الحديث رضي الله عنهم وإلى غيرهم من علماء الأصحاب، بل وإلى كثير من علماء من عداهم من الفرق الاسلامية، على ما اقتضاه رأيهم في الرواية عنهم، وسنذكر أكثر هذه الطرق مفصلة إنشاء الله تعالى.
وينبغي أن يعلم أن الطرق المذكورة على كثرتها وانتشارها، قد انحصر المهم منها في ثلاثة مواضع، فصارت ثلاث مراتب:
الأولى: مرتبة المتقدمين على الشيخ أبي جعفر الطوسي - ره - فان الرواية