رسائل الشهيد الثاني (ط.ق) - الشهيد الثاني - الصفحة ١٣٢
عظمة الله تعالى زيادة على ما حضر حالة الركوع وكبره رافعا يديك وأنت قائم ثم أهو إلى السجود ومكن أعز أعضائك وهو الوجه من أذل الأشياء وهو التراب فان أمكنك ان لا تجعل بينهما حائلا فتسجد على الأرض فافعل فإنه اجلب للخشوع وأدل على الذل و الخضوع وهذا هو السر في منع الشريعة من السجود على ما يأكله الآدميون ويلبسونه لأنه من متاع الدنيا وأهلها الذين اغتروا بغرورها وركنوا إلى زخرفها واطمأنوا إليها فأسلمتهم إلى المهالك حوج ما كانوا إليها وإذا وضعت نفسك موضع الذل فاعلم انك وضعتها موضعها ورددت الفرع إلى أصله فإنك من التراب خلقت واليه رددت ثم تخرج منها مرة أخرى فاحضر في بالك نقلاتك منها واليها ثم خروجك منها بتكرر السجود كما ذكره الله تعالى لك بقوله منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى وعند هذا جدر على قلبك عظمة الله تعالى وعلوه وقل سبحان ربي الأعلى وبحمده وأكده بالتكرار فان المرة الواحدة ضعيفة الأثر في القلب فإذا رق قلبك وظهر ذلك فليصدق رجائك في رحمة ربك فان رحمة تتسارع إلى الضعف والذل لا إلى التكبر والبطر فارفع رأسك مكبرا وسائلا حاجتك ومستغفرا من ذنوبك ثم اكد التواضع بالتكرار وعد إلى السجود ثانيا كذلك فبزيادته يزيد القرب وبتكراره يتأكد السوانح الإلهية ويظهر اللوامع الغيبية إذا وقع على وجهه قال الصادق عليه السلام ما خسروا الله من اتى بحقيقة السجود ولو كان في العمر مرة واحدة وما أفلح من خلا بربه في مثل ذلك الحال تشبيها بمخادع نفسه غافلا لاهيا عما أعد الله للساجدين من انس العاجل وراحة الاجل ولا بعد عن الله ابدا من أحسن تقربه في السجود ولا قرب إليه ابدا من أساء أدبه وضيع حرمته بتعلق قلبه بسواه في حال سجوده فاسجد سجود متواضع لله تعالى ذليل علم أنه خلق من تراب يطأه الخلق وانه أتخذك من نطفة ويستقذرها
(١٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 ... » »»
الفهرست