قال ابن الملك: ما ذاك منك بمستنكر لفضل ما أوتيت من الفهم وخصصت به من العلم.
قال الحكيم: أما صاحب هذه الصفة فالملك والذي دعاك إليه العناية بما سألت عنه، والاهتمام به من أمره، والشفقة عليه من عذاب ما أوعد الله عز وجل من كان على مثل رأيه وطبعه وهواه، مع ما نويت من ثواب الله تعالى ذكره في أداء حق ما أوجب الله عليك له، وأحسبك تريد بلوغ غاية العذر في التلطف لانفاذه و إخراجه عن عظيم الهول ودائم البلاء الذي لا انقطاع له من عذاب الله إلى السلامة وراحة الأبد في ملكوت السماء.
قال ابن الملك: لم تحرم حرفا عما أردت فأعلمني رأيك فيما عنوت من أمر الملك وحاله التي أتخوف أن يدركه الموت عليها فتصيبه الحسرة والندامة حين لا أغني عنه شيئا فاجعلني منه على يقين وفرج عني فأنا به مغموم شديد الاهتمام به فإني قليل الحيلة فيه.
قال الحكيم: أما رأينا فإنا لا نبعد مخلوقا من رحمة الله خالقه عز وجل ولا نأيس له منها ما دام فيه الروح، وإن كان عاتيا طاغيا ضالا لما قد وصف ربنا تبارك وتعالى به نفسه من التحنن والرأفة والرحمة ودل عليه من الايمان وما أمر به من الاستغفار والتوبة وفي هذا فضل الطمع لك في حاجتك إن شاء الله، وزعموا أنه كان في زمن من الأزمان ملك عظيم الصوت في العلم، رفيق سايس يحب العدل في أمته والاصلاح لرعيته، عاش بذلك زمانا بخير حال، ثم هلك فجزعت عليه أمته وكان بامرأة له حمل فذكر المنجمون والكهنة أنه غلام وكان يدبر ملكهم من كان يلي ذلك في زمان ملكهم فاتفق الامر كما ذكره المنجمون والكهنة وولد من ذلك الحمل غلام فأقاموا عند ميلاده سنة بالمعازف والملاهي والأشربة والأطعمة، ثم إن أهل العلم منهم والفقه والربانيين قالوا لعامتهم: إن هذا المولود إنما هو هبة من الله تعالى وقد جعلتم الشكر لغيره وإن كان هبة من غير الله عز وجل فقد