فقالت الملائكة يا ربنا افعل ما شئت، لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم (1) الحكيم. فقال الله - جل جلاله - للملائكة: إني خالق بشرا من صلصال من حمأ مسنون، فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين. وكان ذلك من أمر الله عز وجل تقد (2) إلى الملائكة في آدم من قبل أن يخلقه، احتجابا منه عليهم.
قال فاعترف - تبارك وتعالى - غرفة من الماء العذب الفرات فصلصلها فجمدت، ثم قال لها: منك أخلق النبيين والمرسلين وعبادي الصالحين والأئمة المهتدين الدعاة إلى الجنة وأتباعهم إلى يوم القيامة ولا أبالي، ولا اسأل عما أفعل وهم يسألون يعني بذلك خلقه أنه سيسألهم. ثم اغترف غرفة من الماء المالح الأجاج، فصلصلها فجمدت، ثم قال لها: منك أخلق الجبارين والفراعنة والعتاة (3) إخوان الشياطين والدعاة إلى النار يوم (4) القيامة وأتباعهم ولا أبالي، ولا اسأل عما أفعل وهم يسألون. قال: وشرط في ذلك البداء، ولم يشترط في أصحاب اليمين البداء. ثم خلط الماءين فصلصلهما ثم ألقاهما قدام عرشه وهما ثلة من طين. ثم أمر الملائكة الأربعة: الشمال والدبور والصبا والجنوب، أن جولوا على هذه السلالة (5) الطين وابرأوها وانشئوها (6) ثم جزئوها وفصلوها وأجروا فيها (7) الطبائع الأربعة: الريح، والمرة، والدم والبلغم. قال: فجالت الملائكة عليها وهي الشمال والصبا والجنوب والدبور، فأجروا فيها الطبائع الأربعة. قال: والريح في الطبائع الأربعة [في البدن] من ناحية الشمال. قال والبلغم في الطبائع الأربعة في البدن من ناحية الصبا. قال: والمرة في الطبائع الأربعة في البدن من ناحية الدبور. قال: والدم في الطبائع الأربعة في البدن من ناحية الجنوب. قال: فاستقلت النسمة وكمل البدن. قال: فلزمه