والمعنى أن الله يملا منهم وسط مسجد دمشق أو دواخل جبال الشام والغرض بيان استيلاء هؤلاء القوم على بني أمية في وسط ديارهم والظفر عليهم في محل استقرارهم وأنه لا ينفعهم بناء ولا حصن في التحرز عنهم.
و " طمطمة رجالهم " الطمطمة اللغة العجمية ورجل طمطمي في لسانه عجمة وأشار عليه السلام بذلك إلى أن أكثر عسكرهم من العجم لان عسكر أبي مسلم كان من خراسان " وأيم الله ليذوبن " الظاهر أن هذا أيضا من تتمة بيان انقراض ملك بني أمية وسرعة زواله ويحتمل أن يكون إشارة إلى انقراض هؤلاء الغالبين من بني العباس " وإلى الله عز وجل يقضى " من القضاء بمعنى المحاكمة أو الانهاء والايصال كما في قوله تعالى " وقضينا إليه ذلك الامر " وفي بعض النسخ " يفضي " بالفاء أي يوصل " ودرج الرجل " أي مشى ودرج أيضا بمعنى مات ويقال درج القوم أي انقرضوا و الظاهر أن المراد به هنا الموت أي من مات مات ضالا وأمره إلى الله يعذبه كيف يشاء ويحتمل أن يكون بمعنى المشي أي من بقي منهم فعاقبته الفناء والله يقضي فيه بعلمه " ولعل الله يجمع " إشارة إلى زمن القائم عليه السلام.
" وليس لاحد على الله عز ذكره الخيرة " أي ليس لأحد من الخلق أن يشير بأمر على الله أن هذا خير ينبغي أن تفعله بل له أن يختار من الأمور ما يشاء بعلمه وله الامر بما يشاء في جميع الأشياء " عن مر الحق " أي الحق الذي هو مر أو خالص الحق فإنه مر واتباعه صعب وفي النهج عن نصر الحق " والهضم " الكسر وزوي الشئ ء عنه أي صرفه ونحاه ولم أطلع على الازواء فيما عندي من كتب اللغة وكفى بالخطبة شاهدا على أنه ورد بهذا المعنى.
" كما تاهت بنو إسرائيل " أي خارج المصر أربعين سنة ليس لهم مخرج بسبب عصيانهم وتركهم الجهاد فكذا أصحابه صلوات الله عليه تحيروا في أديانهم وأعمالهم لما لم ينصروه ولم يعينوه على عدوه كما روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال:
لتركبن سنن من كان قبلكم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه.