تعالى على نبيه في ذلك " أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون (1) " فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله من مكة يريد المدينة حتى نزل منزلا يقال له: غدير خم، وقد علم الناس مناسكهم وأوعز إليهم وصيته إذا نزل عليه هذه الآية (2) " يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس " فقام رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: تهديد ووعيد، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس هل تعلمون من وليكم؟ قالوا: نعم الله ورسوله، قال:
ألستم تعلمون أني أولى بكم منكم بأنفسكم (3)؟ قالوا: بلى، قال: اللهم اشهد، فأعاد ذلك عليهم ثلاثا في كل ذلك يقول مثل قوله الأول ويقول الناس كذلك ويقول: اللهم اشهد، ثم أخذ بيد أمير المؤمنين صلوات الله عليه فرفعها (4) حتى بدا للناس بياض إبطيهما، ثم قال صلى الله عليه وآله: ألا من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأحب من أحبه، ثم قال: اللهم اشهد عليهم وأنا من الشاهدين.
فاستفهمه عمر بين أصحابه (5) فقال: يا رسول الله هذا من الله أو من رسوله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: نعم (6) من الله ومن رسوله، إنه أمير المؤمنين، إمام المتقين، وقائد الغر المحجلين، يقعده الله يوم القيامة على الصراط فيدخل أولياءه الجنة وأعداءه النار، فقال أصحابه الذين ارتدوا بعده: قد قال محمد صلى الله عليه وآله في مسجد الخيف ما قال وقال ههنا ما قال، وإن رجع إلى المدينة يأخذنا بالبيعة له، فاجتمعوا أربعة عشر نفرا وتآمروا على قتل رسول الله صلى الله وآله وسلم وقعدوا له في العقبة، وهي عقبة أرشى بين الجحفة والأبواء (7)،