والله هزمونا، فنزل صاحبنا وهو يتلو (فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا) [23 / الأحزاب: 33] ثم قال لنا: من كان لا يريد لقاء الله ولا يطيب نفسا بالموت فليخرج عن القرية ما دمنا نقاتلهم فإن قتالنا إياهم شاغل لهم عن طلب هارب، ومن أراد ما عند الله فما عند الله خير للأبرار.
ثم نزل في ثلاثين رجلا قال: فهممت والله بالنزول معه ثم إن نفسي أبت واستقدم هو وأصحابي فقاتلوا حتى قتلوا رحمهم الله، فلما قتلوا أقبلنا منهزمين.
وبإسناده عن محمد بن مخنف: أن سفيان بن عوف لما أغار على الأنبار قدم علج من أهلها على علي عليه السلام فأخبره الخبر فصعد المنبر فقال:
أيها الناس! إن أخاكم البكري قد أصيب بالأنبار، وهو مغتر لا يظن ما كان فاختار ما عند الله على الدنيا، فانتدبوا إليهم حتى تلاقوهم، فإن أصبتم منهم طرفا أنكلتموهم عن العراق أبدا ما بقوا.
ثم سكت عنهم رجاء أن يجيبوه أو يتكلموا أو يتكلم متكلم منهم بخير، فلما رأى صمتهم على ما في أنفسهم، خرج يمشي راجلا حتى أتى النخيلة، [والناس يمشون خلفه حتى أحاط به قوم من الأشراف] فقالوا: إرجع يا أمير المؤمنين نحن نكفيك. فقال: ما تكفونني ولا تكفون أنفسكم. فلم يزالوا به حتى صرفوه إلى منزله فرجع وهو واجم كئيب.
ودعا سعيد بن مسلم الهمداني فبعثه من النخيلة في ثمانية آلاف وقال:
إتبع هذا الجيش حتى تخرجهم من أرض العراق. فخرج على شاطئ الفرات في طلبه حتى إذا بلغ عانات، سرح سعيد أمامه هانئ بن الخطاب الهمداني فأتبع آثارهم حتى بلغ أداني أرض قنسرين وقد فاتوه ثم انصرف.
قال فلبث علي عليه السلام ترى فيه الكآبة والحزن حتى قدم سعيد، فكتب كتابا وكان في تلك الأيام عليلا، فلم يطق القيام في الناس بكل ما أراد