وعن يحيى بن صالح عن أصحابه: أن عليا عليه السلام ندب الناس عند ما أغاروا على نواحي السواد، فانتدب لذلك شرطة الخميس، فبعث إليهم قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري ثم وجههم فساروا حتى وردوا تخوم الشام، وكتب علي عليه السلام إلى معاوية:
إنك زعمت أن الذي دعاك إلى ما فعلت الطلب بدم عثمان، فما أبعد قولك من فعلك. ويحك، وما ذنب أهل الذمة في قتل ابن عفان؟! وبأي شئ تستحل أخذ فئ المسلمين؟! فانزع ولا تفعل واحذر عاقبة البغي والجور. وإنما مثلي ومثلك كما قال بلعاء لدريد بن الصمة:
مهلا دريد عن التسرع إنني * ماضي الجنان بمن تسرع مولع مهلا دريد عن السفاهة إنني * ماض على رغم العداة سميدع مهلا دريد لا تكن لاقيتني * يوما دريد فكل هذا يصنع إذا أهانك معشر أكرمهم * فتكون حيث ترى الهوان وتسمع فأجابه معاوية: أما بعد، فإن الله أدخلني في أمر عزلك عنه نائيا عن الحق، فنلت منه أفضل أملي، فأنا الخليفة المجموع عليه ولم تصب مثلي ومثلك، إنما مثلي ومثلك كما قال بلقاء حين صولح على دم أخيه ثم نكث فعنفه قومه فأنشأ يقول:
ألا آذنتنا من تدللها ملس * وقالت: أما بيني وبينك من بلس وقالت: ألا تسعى فتدرك ما مضى * وما أهلك الحانون والقدح الضرس (1) أتأمرني سعد وليث وجندع (2) * ولست براض بالدنيئة والوكس