بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣٤ - الصفحة ٤٩
ودعا رؤوسهم ووجوههم فسألهم عن رأيهم وما الذي يثبطهم، فمنهم المعتل ومنهم المنكر وأقلهم النشيط، فقام فيهم ثانية فقال:
عباد الله! ما لكم إن أمرتكم أن تنفروا اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة ثوابا؟ وبالذل والهوان من العز خلفا؟ وكلما ناديتكم إلى الجهاد دارت أعينكم كأنكم من الموت في سكرة، يرتج عليكم [حواري] فتبكون، (1) فكأن قلوبكم مألوسة فأنتم لا تعقلون، وكأن أبصاركم كمه فأنتم لا تبصرون، لله أنتم! ما أنتم إلا اسود الشرى في الدعة، وثعالب رواغة حين تدعون، ما أنتم بركن يضال به ولا زوافر عز يعتصم إليها.
لعمر الله لبئس حشاش نار الحرب أنتم. إنكم تكادون ولا تكيدون، وتنتقص أطرافكم ولا تتحاشون، ولا ينام عنكم وأنتم في غفلة ساهون. إن أخا الحرب اليقظان، أودى من غفل، ويأتي الذل من وادع، غلب المتخاذلون والمغلوب مقهور ومسلوب.
أما بعد، فإن لي عليكم حقا ولكم علي حق، فأما حقي عليكم فالوفاء بالبيعة، والنصح لي في المشهد والمغيب، والإجابة حين أدعوكم، والطاعة حين آمركم.
وأما حقكم (2) علي فالنصيحة لكم ما صحبتكم، والتوفير عليكم وتعليمكم كيلا تجهلوا، وتأديبكم كي تعلموا، فإن يرد الله بكم خيرا تنزعوا عما أكره، وترجعوا إلى ما أحب تنالوا ما تحبون وتدركوا ما تأملون.
وعن الفضل بن دكين عن أبي عاصم الثقفي عن أبي عون الثقفي قال:
جاءت امرأة من بني عميس [عبس " خ "] وعلي عليه السلام على المنبر فقالت:

(1) كذا في الأصل المطبوع عدا ما وضعناه بين المعقوفين، وفي المختار: (34) من نهج البلاغة:
يرتج عليكم حواري فتعمهون وفي الأصل المطبوع: فتبكمون. (2) هذا هو الظاهر من السياق، وفي أصلي: وإن حقكم علي...).
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 [الباب الحادي والثلاثون] باب سائر ما جرى من الفتن من غارات أصحاب معاوية على أعماله عليه السلام وتثاقل أصحابه عن نصره وفرار بعضهم عنه إلى معاوية وشكايته عليه السلام عنهم وبعض النوادر 7
2 [الباب الثاني والثلاثون] علة عدم تغيير أمير المؤمنين عليه السلام بعض البدع في زمانه 167
3 [الباب الثالث والثلاثون] باب نوادر ما وقع في أيام خلافته عليه السلام وجوامع خطبه ونوادرها 183
4 [الباب الرابع والثلاثون] باب فيه ذكر أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام الذين كانوا على الحق ولم يفارقوا أمير المؤمنين عليه السلام وذكر بعض المخالفين والمنافقين زائدا على ما أوردنا [ه] في كتاب أحوال النبي صلى الله عليه وآله وكتاب أحوال أمير المؤمنين عليه السلام. 271
5 [الباب الخامس والثلاثون] باب النوادر 327
6 [الباب السادس والثلاثون] باب آخر نادر في ذكر ما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام من الأشعار المناسبة لهذا المجلد وقد مر بعضها في الأبواب السابقة 395