ودعا رؤوسهم ووجوههم فسألهم عن رأيهم وما الذي يثبطهم، فمنهم المعتل ومنهم المنكر وأقلهم النشيط، فقام فيهم ثانية فقال:
عباد الله! ما لكم إن أمرتكم أن تنفروا اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة ثوابا؟ وبالذل والهوان من العز خلفا؟ وكلما ناديتكم إلى الجهاد دارت أعينكم كأنكم من الموت في سكرة، يرتج عليكم [حواري] فتبكون، (1) فكأن قلوبكم مألوسة فأنتم لا تعقلون، وكأن أبصاركم كمه فأنتم لا تبصرون، لله أنتم! ما أنتم إلا اسود الشرى في الدعة، وثعالب رواغة حين تدعون، ما أنتم بركن يضال به ولا زوافر عز يعتصم إليها.
لعمر الله لبئس حشاش نار الحرب أنتم. إنكم تكادون ولا تكيدون، وتنتقص أطرافكم ولا تتحاشون، ولا ينام عنكم وأنتم في غفلة ساهون. إن أخا الحرب اليقظان، أودى من غفل، ويأتي الذل من وادع، غلب المتخاذلون والمغلوب مقهور ومسلوب.
أما بعد، فإن لي عليكم حقا ولكم علي حق، فأما حقي عليكم فالوفاء بالبيعة، والنصح لي في المشهد والمغيب، والإجابة حين أدعوكم، والطاعة حين آمركم.
وأما حقكم (2) علي فالنصيحة لكم ما صحبتكم، والتوفير عليكم وتعليمكم كيلا تجهلوا، وتأديبكم كي تعلموا، فإن يرد الله بكم خيرا تنزعوا عما أكره، وترجعوا إلى ما أحب تنالوا ما تحبون وتدركوا ما تأملون.
وعن الفضل بن دكين عن أبي عاصم الثقفي عن أبي عون الثقفي قال:
جاءت امرأة من بني عميس [عبس " خ "] وعلي عليه السلام على المنبر فقالت: