سيرته وفظاظته وظلمه وغشمه. وأصاب بنو تميم ثقلا من ثقله في بلادهم.
فلما رجع بسر إلى معاوية قال: أحمد الله يا أمير المؤمنين، أني سرت في هذا الجيش أقتل عدوك ذاهبا وجائيا، لم ينكب رجل منهم نكبة. فقال معاوية:
الله فعل ذلك لا أنت. وكان الذي قتل بسر في وجهه ذلك، ثلاثين ألفا، وحرق قوما بالنار.
قال ودعا علي عليه السلام على بسر فقال: اللهم إن بسرا باع دينه بالدنيا، وانتهك محارمك، وكانت طاعة مخلوق فاجر، آثر عنده من طاعتك، اللهم فلا تمته حتى تسلبه عقله، ولا توجب له رحمتك، ولا ساعة من النهار.
اللهم العن بسرا وعمرا ومعاوية، وليحل عليهم غضبك، ولتنزل بهم نقمتك، وليصبهم بأسك ورجزك الذي لا ترده عن القوم المجرمين.
فلم يلبث بسر بعد ذلك إلا يسيرا، حتى وسوس وذهب عقله. وكان يهذي بالسيف ويقول: أعطوني سيفا أقتل به. لا يزال يردد ذلك حتى اتخذ له سيفا من خشب، وكانوا يدنون منه المرفقة، فلا يزال يضربها حتى يغشى عليه، فلبث كذلك إلى أن مات.
بيان:
[قال ابن الأثير] في [مادة " نخب من "] النهاية: فيه " بئس العون على الدين قلب نخيب، وبطن رغيب ".
النخيب: الجبان الذي لا فؤاد له. وقيل: الفاسد العقل.
قوله عليه السلام: " لا يعقب له حكم " تضمين لقوله تعالى: (لا معقب لحكمه).
وقال البيضاوي: أي لا راد له. وحقيقته الذي يعقب الشئ بالإبطال.