أما بعد، فإني بعثتك في وجهك الذي وجهت له، وقد أوصيتك بتقوى الله، وتقوى ربنا جماع كل خير، ورأس كل أمر، وتركت أن أسمي لك الأشياء بأعيانها، وإني أفسرها حتى تعرفها، سر على بركة الله، حتى تلقى عدوك، ولا تحتقر من خلق الله أحدا، ولا تسخرن بعيرا ولا حمارا، وإن ترجلت وحبست، ولا تستأثرن على أهل المياه بمياههم، ولا تشربن من مياههم إلا بطيب أنفسهم، ولا تسبي مسلما ولا مسلمة، ولا تظلم معاهدا ولا معاهدة، وصل الصلاة لوقتها، واذكر الله بالليل والنهار، واحملوا راجلكم، وتأسوا على ذات أيديكم وأغذ السير حتى تلحق بعدوك فتجليهم عن بلاد اليمن وتردهم صاغرين إن شاء الله، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته. (1) وعن فضيل بن خديج قال: كان وائل بن حجر عند علي عليه السلام بالكوفة، وكان يرى رأي عثمان، فاستأذن عليا عليه السلام ليذهب إلى بلاده، ثم يرجع إليه عن قريب، فخرج إلى بلاد قومه: وكان عظيم الشأن فيهم، وكان الناس بها أحزابا، فشيعة ترى رأي عثمان، وأخرى ترى رأي علي عليه السلام.
فكان وائل هناك، حتى دخل بسر صنعاء، فكتب إليه:
أما بعد، فإن شيعة عثمان ببلادنا شطر أهلها، فاقدم علينا فإنه ليس بحضرموت رجل يردك عنها: فأقبل إليها بسر بمن معه حتى دخلها، فزعم أن وائلا استقبل بسرا، فأعطاه عشرة آلاف، وأنه كلمه في حضرموت. فقال له:
ما تريد؟ قال: أريد أن أقتل ربع حضرموت. قال: إن كنت تريد ذلك فاقتل عبد الله بن ثوابة، لرجل فهيم، كان من المقاولة العظام. وكان له عدوا، في رأيه مخالفا. فجاءه بسر حتى أحاط بحصنه، وكان بناء معجبا لم ير في ذلك الزمان