قال إبراهيم: ومن حديث الكوفيين عن نمير بن وعلة عن أبي الوداك قال: قدم زرارة بن قيس فخبر عليا عليه السلام بالقدمة التي خرج فيها بسر، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:
أما بعد، أيها الناس! إن أول فرقتكم، وبدء نقصكم، ذهاب أولي النهى وأهل الرأي منكم، الذين كانوا يلقون فيصدقون، ويقولون فيعدلون، ويدعون فيجيبون، وأنا والله قد دعوتكم عودا وبدءا وسرا وجهارا وفي الليل والنهار، والغدو والآصال، فما يزيدكم دعائي إلا فرارا وإدبارا. أما تنفعكم العظة والدعاء إلى الهدى والحكمة؟! وإني لعالم بما يصلحكم ويقيم أودكم، ولكني والله لا أصلحكم بفساد نفسي، ولكن أمهلوني قليلا، فكأنكم والله بامرئ قد جاءكم، يحرمكم ويعذبكم، فيعذبه الله كما يعذبكم.
إن من ذل المسلمين وهلاك الدين، أن ابن أبي سفيان يدعو الأراذل والأشرار فيجاب، وأدعوكم وأنتم الأفضلون الأخيار، وتدافعون، ما هذا بفعل المتقين. (1) إن بسر بن أبي أرطاة وجه إلى الحجاز، وما بسر لعنه الله؟! لينتدب إليه منكم عصابة حتى تردوه عن سننه، فإنما خرج في ستمائة أو يزيدون.
قال فأسكت القوم مليا لا ينطقون.
فقال: ما لكم مخرسون لا تكلمون؟.
فذكر عن الحارث بن حصيرة، عن مسافر بن عفيف، قال: قام أبو بردة ابن عوف الأزدي، فقال: إن سرت يا أمير المؤمنين، سرنا معك!! فقال: اللهم ما لكم