فقالوا له: بماذا يا أمير المؤمنين؟ فقال: أرى أمورهم قد علت، ونيرانكم قد خبت، وأراهم جدين، وأراكم وانين، وأراهم مجتمعين، وأراكم متفرقين، وأراهم لصاحبهم مطيعين، وأراكم لي عاصين.
أم والله لئن ظهروا عليكم لتجدنهم أرباب سوء من بعدي لكم.
لكأني أنظر إليهم وقد شاركوكم في بلادكم، وحملوا إلى بلادهم فيئكم.
وكأني أنظر إليكم تكشون كشيش الضباب، ولا تأخذون حقا ولا تمنعون لله من حرمة.
وكأني أنظر إليهم يقتلون صالحيكم، ويخيفون قراءكم، ويحرمونكم ويحجبونكم ويدنون الناس دونكم. فلو قد رأيتم الحرمان والأثرة ووقع السيوف ونزول الخوف، لقد ندمتم وحسرتم على تفريطكم في جهادكم، وتذاكرتم ما أنتم فيه اليوم من الخفض والعافية، حين لا ينفعكم التذكار.
بيان:
قال الجوهري: كشيش الأفعى: صوتها من جلدها لا من فمها، وقد كشت تكش. وقال: الحسرة: أشد التلهف على الشئ الفائت، تقول منه: حسر على الشئ - بالكسر - يحسر حسرا وحسرة فهو حسير.
964 - شا: [و] من كلامه عليه السلام لما نقض معاوية بن أبي سفيان شرط الموادعة، وأقبل يشن الغارات على أهل العراق، فقال بعد أن حمد الله وأثنى وعليه:
ما لمعاوية قاتله الله! لقد أرادني على أمر عظيم، أراد أن أفعل كما يفعل فأكون قد هتكت ذمتي ونقضت عهدي، فيتخذها علي حجة، فيكون علي شينا إلى يوم القيامة كلما ذكرت. فإن قيل له: أنت بدأت، قال: ما عملت ولا أمرت.
فمن قائل يقول: صدق. ومن قائل يقول: كذب.