ماضر إخواننا الذين سفكت دماؤهم - وهم بصفين - أن لا يكونوا اليوم أحياء يسيغون الغصص، ويشربون الرنق، قد والله لقوا الله فوفاهم أجورهم، وأحلهم دار الأمن بعد خوفهم.
أين إخواني الذين ركبوا الطريق ومضوا على الحق؟ أين عمار؟ وأين ابن التيهان؟ وأين ذو الشهادتين؟ وأين نظراؤهم من إخوانهم الذين تعاقدوا على المنية، وأبرد برؤوسهم إلى الفجرة؟
قال [نوف:] ثم ضرب يده إلى لحيته وأطال البكاء، ثم قال عليه السلام:
أوه على إخواني الذين تلوا القرآن فأحكموه! وتدبروا الفرض فأقاموه!
وأحيوا السنة وأماتوا البدعة، دعوا للجهاد فأجابوا، ووثقوا بالقائد فاتبعوا!
ثم نادى بأعلى صوته.
الجهاد الجهاد عباد الله! ألا وإني معسكر في يومي هذا، فمن أراد الرواح إلى الله فليخرج [فليبرح " خ "].
قال نوف: وعقد للحسين عليه السلام في عشرة آلاف، ولقيس بن سعد - رحمه الله - في عشرة آلاف، ولأبي أيوب الأنصاري [في] عشرة آلاف، ولغيرهم على أعداد أخر، وهو يريد الرجعة إلى صفين، فما دارت الجمعة حتى ضربه الملعون ابن ملجم، لعنه الله، فتراجعت العساكر. فكنا كأغنام فقدت راعيها، تختطفها الذئاب من كل مكان.
تبيان:
قد مر شرح صدر الخطبة في كتاب التوحيد، وقال [ابن الأثير] في [كتاب] النهاية: الرياش والريش: ما ظهر من اللباس. وقيل: الرياش: جمع الريش، ويقع الرياش على الخصب والمعاش والمال المستفاد.
و " أسبغ ": أي أكمل وأوسع. والمعاش والمعيشة: مكسب الإنسان الذي