مشاهد ذلك ليرى عيانا لا خبرا أن الدعوة التي قام بها وقاسى أعظم المشاق في تحملها وكابد الأهوال في الذب عنها وضرب بالسيوف عليها لما مهد دولتها وشيد أركانها وملا الآفاق بها خلصت صفوا عفوا لأعدائه الذين كذبوه لما دعا إليها وأخرجوه عن أوطانه لما حض عليها وأدموا وجهه وقتلوا عمه وأهله فكأنه كان يسعى لهم ويدأب لراحتهم كما قال أبو سفيان في أيام عثمان وقد مر بقبر حمزة فضربه برجله وقال: " يا با عمارة إن الامر الذي اجتلدنا عليه بالسيف أمس في يد غلماننا اليوم يتلعبون به " ثم آل الامر إلى أن يفاخر معاوية عليا كما يتفاخر الأكفاء والنظراء (1).
402 - وقال في موضع آخر (2) كتب معاوية إليه عليه السلام من معاوية بن أبي سفيان إلى علي بن أبي طالب أما بعد فإنا بني عبد مناف لم نزل ننزغ من قليب واحد ونجري في حلبة واحدة وليس لبعضنا على بعض فضل ولا لقائمنا على قاعدنا فخر كلمتنا مؤتلفة وألفتنا جامعة ودارنا واحدة ويجمعنا كرم العرق ويحوينا شرف الفخار ويحنو قوينا على ضعيفنا ويواسي غنينا فقيرنا قد خلصت قلوبنا من دغل الحسد وطهرت أنفسنا من خبث السجية فلم نزل كذلك حتى كان منك من الادهان في أمر ابن عمك والحسد له وتضريب الناس عليه حتى قتل بمشهد منك لا تدفع عنه بلسان ولا يد فليتك أظهرت نصره حيث أشهرت ختره فكنت كالمتعلق بين الناس بعذر وإن ضعف والمتبري من دمه بدفع وإن وهن ولكنك جلست في دارك تدس إليه الدواهي وترسل عليه الأفاعي حتى إذا قضيت وطرك منه أظهرت شماتة وأبديت طلاقة وحسرت