بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣٣ - الصفحة ٨٥
معاوية بن أبي سفيان:
أما بعد فإن الدنيا دار تجارة ربحها أو خسرها الآخرة فالسعيد من كانت بضاعته فيها الأعمال الصالحة ومن رأى الدنيا بعينها وقدرها بقدرها وإني لأعظك مع علمي بسابق العلم فيك مما لا مرد له دون نفاذه ولكن الله تعالى أخذ على العلماء أن يؤدوا الأمانة وأن ينصحوا الغوي والرشيد فاتق الله ولا تكن ممن لا يرجو لله وقارا ومن حقت عليه كلمة العذاب فإن الله بالمرصاد وإن دنياك ستدبر عنك وستعود حسرة عليك فانتبه من الغي والضلال على كبر سنك وفناء عمرك فإن حالك اليوم كحال الثوب المهيل الذي لا يصلح من جانب إلا فسد من آخر وقد أرديت جيلا من الناس كثيرا خدعتهم بغيك وألقيتهم في موج بحرك تغشاهم الظلمات وتتلاطم بهم الشبهات فجاروا عن وجهتهم ونكصوا على أعقابهم وتولوا على أدبارهم وعولوا على أحسابهم إلا من فاء من أهل البصائر فإنهم فارقوك بعد معرفتك وهربوا إلى الله من موازرتك إذ حملتهم على الصعب وعدلت بهم عن القصد فاتق الله يا معاوية في نفسك وجاذب الشيطان قيادك فإن الدنيا منقطعة عنك والآخرة قريب منك والسلام.
401 - قال ابن أبي الحديد قال أبو الحسن علي بن محمد المدائني: فكتب إليه معاوية: من معاوية بن أبي سفيان إلى علي بن أبي طالب أما بعد فقد وقفت على كتابك وقد أبيت على الغي إلا تماديا (1) وإني لعالم أن الذي يدعوك إلى ذاك مصرعك الذي لابد لك منه وإن كنت موائلا فازدد غيا إلى غيك فطال ما خف عقلك ومنيت نفسك ما ليس لك والتويت على من هو خير منك ثم كانت العافية لغيرك واحتملت الوزر بما أحاط بك من خطيئتك والسلام.
401 - رواه ابن أبي الحديد - مع التوالي - في شرحه على المختار: (32) من باب كتب نهج البلاغة: ج 16، ص 133، ط الحديث بمصر، وفي ط الحديث ببيروت: ج 4 ص 768.
(1) هذا هو الظاهر من السياق وفي شرح نهج البلاغة ط مصر: على الفتن. وفي ط الكمباني: على الغبن. (*)
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الثالث عشر: باب شهادة عمار رضي الله عنه وظهور بغي الفئة الباغية بعد ما كان أبين من الشمس الضاحية وشهادة غيره من أتباع الأئمة الهادية 7
2 الباب الرابع عشر: باب ما ظهر من إعجازه عليه السلام في بلاد صفين وسائر ما وقع فيها من النوادر 39
3 الباب الخامس عشر: باب ما جرى بين معاوية وعمرو بن العاص في [التحامل على] علي عليه السلام 49
4 الباب السادس عشر: باب كتبه عليه السلام إلى معاوية واحتجاجاته عليه ومراسلاته إليه وإلى أصحابه 57
5 الباب السابع عشر: باب ما ورد في معاوية وعمرو بن العاص وأوليائهما وقد مضى بعضها في باب مثالب بني أمية 161
6 الباب الثامن عشر: باب ما جرى بينه عليه السلام وبين عمرو بن العاص لعنة الله وبعض أحواله 221
7 الباب التاسع عشر: باب نادر 233
8 الباب العشرون: باب نوادر الاحتجاج على معاوية 241
9 الباب الواحد والعشرون: باب بدو قصة التحكيم والحكمين وحكمهما بالجور رأي العين 297
10 الباب الثاني والعشرون: باب اخبار النبي صلى الله عليه وآله بقتال الخوارج وكفرهم 325
11 الباب الثالث والعشرون: باب قتال الخوارج واحتجاجاته صلوات الله عليه 343
12 الباب الرابع والعشرون: باب سائر ما جرى بينه وبين الخوارج سوى وقعة النهران 405
13 الباب الخامس والعشرون: باب إبطال مذهب الخوارج واحتجاجات الأئمة عليهم السلام وأصحابهم عليهم 421
14 الباب السادس والعشرون: باب ما جرى بينه صلوات الله عليه وبين ابن اللواء وأضرابه لعنهم الله وحكم قتال الخوارج بعده عليه السلام 429
15 الباب السابع والعشرون: باب ما ظهر من معجزاته بعد رجوعه صلوات الله عليه من قتال الخوارج 437
16 الباب الثامن والعشرون: باب سيرة أمير المؤمنين عليه السلام في حروبه 441
17 الباب التاسع والعشرون: باب كتب أمير المؤمنين عليه السلام ووصاياه إلى عماله وأمراء أجناده 465
18 أبواب الأمور والفتن الحادثة بعد الرجوع عن قتال الخوارج 531
19 الباب الثلاثون: باب الفتن الحادثة بمصر وشهادة محمد بن أبي بكر ومالك الأشتر رضي الله عنهما وبعض فضائلهما وأحوالهما وعهود أمير المؤمنين عليه السلام إليهما 533