الخوض في دماء المسلمين وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول:
لو تمالا أهل صنعاء وعدن على قتل رجل واحد من المسلمين لأكبهم الله على مناخرهم في النار فكيف يكون حال من قتل أعلام المسلمين وسادات المهاجرين بله ما طحنت رحا حربه من أهل القرآن وذوي العبادة والايمان من شيخ كبير وشاب غرير كلهم بالله تعالى مؤمن وله مخلص وبرسوله مقر عارف فإن كنت أبا حسن إنما تحارب على الامرة والخلافة فلعمري لو صحت خلافتك لكنت قريبا من أن تعذر في حرب المسلمين ولكنها لم تصح لك وأنى بصحتها وأهل الشام لم يدخلوا فيها ولم يرتضوا بها فخف الله وسطواته واتق بأس الله ونكاله واغمد سيفك عن الناس فقد والله أكلتهم الحرب فلم يبق منهم إلا كالثمد في قرارة الغدير والله المستعان.
فكتب علي عليه السلام إليه جوابا عن كتابه:
من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى معاوية بن أبي سفيان أما بعد فقد أتتني منك موعظة موصلة ورسالة محبرة نمقتها بضلالك وأمضيتها بسوء رأيك وكتاب امرئ ليس له بصر يهديه ولا قائد يرشده دعاه الهوى فأجابه وقاده الضلال فاتبعه فهجر لاغطا وضل خابطا.
فأما أمرك لي بالتقوى فأرجو أن أكون من أهلها وأستعيذ بالله من أن أكون من الذين إذا أمروا بها أخذتهم العزة بالاثم.
وأما تحذيرك إياي أن يحيط عملي وسابقتي في الاسلام فلعمري لو كنت الباغي عليك لكان لك أن تحذرني ذلك ولكني وجدت الله تعالى يقول:
* (فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله) * [9 / الحجرات: 49] فنظرنا إلى الفئتين [فأما الفئة] الباغية فوجدناها الفئة التي أنت فيها لان بيعتي بالمدينة لزمتك وأنت بالشام كما لزمتك بيعة عثمان بالمدينة وأنت أمير لعمر على الشام وكما لزمت يزيد أخاك بيعة عمر بالمدينة وهو أمير لأبي بكر على الشام.
وأما شق عصا هذه الأمة فأنا أحق أن أنهاك عنه.