قوله عليه السلام " فأصحر لعدوك " قال في النهاية أي كن من أمره على أمر واضح منكشف من أصحر الرجل إذا خرج إلى الصحراء.
وقال ابن أبي الحديد: أي أبرز له ولا تستتر عنه في المدينة التي أنت فيها.
وقال ابن ميثم: السبب في إرسال هذا الكتاب أن محمد بن أبي بكر رضي الله عنه كان يضعف عن لقاء العدو ولم يكن في أصحاب علي عليه السلام أقوى بأسا في الحرب من الأشتر رحمه الله وكان معاوية بعد وقائع صفين قد تجرد للإغارة على أطراف بلاد المسلمين وقد كانت مصر جعلت طعمة لعمرو بن العاص وعلم عليه السلام أنها لا تتحفظ إلا بالأشتر فكتب له العهد الذي يأتي ذكره ووجهه إليها فبلغه أن محمدا تألم من ذلك ثم إن الأشتر مات قبل وصوله إليها فكتب عليه السلام إلى محمد هذا الكتاب وهو يؤذن بإقراره على عمله واسترضائه وتعريفه وجه عذره في تولية الأشتر لعمله وأنه لم يكن ذلك لموجدة عليه ولا تقصير منه.
740 - نهج البلاغة: ومن كتاب له عليه السلام إلى عبد الله بن العباس بعد مقتل محمد بن أبي بكر بمصر: أما بعد فإن مصر قد افتتحت ومحمد بن أبي بكر رحمه الله قد استشهد فعند الله نحتسبه ولدا ناصحا وعاملا كادحا وسيفا قاطعا وركنا دافعا و [قد] كنت حثثت الناس على لحاقه وأمرتهم بغياثه قبل الوقعة ودعوتهم سرا وجهرا وعودا وبدءا فمنهم الآتي كارها ومنهم المعتل كاذبا ومنهم القاعد خاذلا اسأل الله تعالى أن يجعل لي منهم فرجا عاجلا فوالله لولا طمعي عند لقائي عدوي في الشهادة وتوطيني نفسي على المنية لأحببت أن لا أبقى مع هؤلاء يوما واحدا ولا التقي [بهم] أبدا.
إيضاح: أستشهد على بناء المجهول: أي قتل في سبيل الله. وقال في النهاية: الاحتساب من الحسب كالاعتداد من العد وإنما قيل لمن ينوي بعمله وجه الله: احتسبه لان له حينئذ أن يعتد بعمله فجعل في حال مباشرة الفعل