بسم الله الرحمن الرحيم من علي بن أبي طالب إلى الملا من المسلمين الذين غضبوا لله حين عصي في الأرض وضرب الجور بأرواقة على البر والفاجر فلا حق يستراح إليه ولا منكر يتناهى عنه سلام عليكم فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو أما بعد فقد وجهت إليكم عبدا من عباد الله لا ينام أيام الخوف ولا ينكل عن الأعداء حذار الدوائر أشد على الفجار من حريق النار وهو مالك بن الحرث الأشتر أخو مذحج فاسمعوا له وأطيعوا فإنه سيف من سيوف الله لا نابي الضريبة ولا كليل الحد فإن أمركم أن تنفروا فانفروا وإن أمركم أن تقيموا فأقيموا وإن أمركم أن تحجموا فأحجموا فإنه لا يقدم ولا يحجم إلا بأمري وقد آثرتكم به على نفسي لنصيحته لكم وشدة شكيمته على عدوكم عصمكم ربكم بالهدى وثبتكم باليقين.
ثم قال له: لا تأخذ على السماوة فإني أخاف عليكم معاوية وأصحابه ولكن الطريق الاعلى في البادية حتى تخرج إلى أبلة (1) ثم ساحل مع البحر [حتى] تأتيها ففعل فلما انتهى إلى أيلة وخرج منها صحبه نافع مولى عثمان بن عفان فخدمه وألطفه حتى أعجبه شأنه فقال: ممن أنت؟ قال: من أهل المدينة قال:
من أيهم؟ قال: مولى عمر بن الخطاب قال: وأين تريد؟ قال: مصر قال: وما حاجتك بها؟ قال: أريد أن أشبع من الخبز فإنا لا نشبع بالمدينة فرق له الأشتر وقال له: الزمني فإني سأجيبك بخبز فلزمه حتى بلغ القلزم وهو من مصر على ليلة فنزل على امرأة من جهينة فقالت: أي الطعام أعجب بالعراق فأعالجه لكم؟ قال: الحيتان الطرية فعالجتها له فأكل وقد كان ظل صائما في يوم حار فأكثر من شرب الماء فجعل لا يروى فأكثر منه حتى نغر يعني انتفخ بطنه من كثرة شربه فقال له نافع إن [هذا] الطعام [الذي أكلت] لا يقتل سمه إلا العسل فدعا به من ثقله فلم يوجد قال له نافع: هو عندي فأتيك به؟ قال نعم فأتني به فأتى رحله فحاضر شربة من عسل بسم قد كان معه أعده له فأتاه بها فشربها فأخذه الموت من ساعته وانسل نافع في ظلمة