والثاني بالأول والأول بالثاني أنسب.
قوله عليه السلام: " فأنتم أظلم " أي من أن لا تعذبوا أو لا تستحقوا العقاب " وإن يعف فهو أكرم " من أن لا يعفو أو يستغرب منه العفو.
أو المعنى أنه سبحانه إن عذب فظلمكم أكثر من عذابه ولا يعاقبكم بمقدار الذنب، وإن يعف فكرمه أكثر من ذلك العفو ويقدر على أكثر منه وربما يفعل أعظم منه.
وقال ابن أبي الحديد أي أنتم الظالمون كقوله تعالى: * (وهو أهون عليه) * وكقولهم: الله أكبر.
وقال ابن ميثم: ويحتمل أن يكون قد سمى ما يجازيهم من العذاب ظلما مجازا لمشابهة الظلم في الصورة كما في قوله عليه السلام: " فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم " فصدق إذن اسم التفضيل لابتدائهم بالمعصية انتهى.
وقوله: " سكنوا الدنيا " بيان لقوله " ذهبوا " وقال ابن ميثم وإنما كان ما فعلوا أفضل لأنهم استعملوها على الوجه الذي ينبغي لهم وأمروا باستعمالها عليه وظاهر أن ذلك أفضل الوجوه وهو الاخذ من لذات الدنيا المباحة لهم بقدر ضرورتهم وحاجتهم بل نقول: إن لذتهم بما استعملوا منها أتم وأكمل وذلك إن كل ما استعملوه من مأكول ومشروب ومنكوح ومركوب إنما كان عند الحاجة والضرورة وكلما كان الحاجة إلى الملذات أتم كانت اللذة أقوى وأعظم.
أقول ويحتمل أن تكون الأفضلية باعتبار لما المتقين لما كان مصروفهم من الحلال لا يخافون عليه عقابا وغيرهم لا كان ما ينتفعون به حراما أو مخلوطا يخشون العقوبة عليه وهذا مما يكدر عيشهم عامل الجنة من يعمل الأعمال المؤدية إليها وكذا عامل النار.
والطرداء بضم الطاء وفتح الراء: جمع طريد أي يطردكم عن أوطانكم ويخرجكم منها. وقال في النهاية: فيه " كنت أطارد حية " أي أخادعها لأصيدها ومنه طراد الصيد.