محمد بن أبي بكر ما هذا مختصره:
من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى محمد بن أبي بكر وأهل مصر سلام عليكم أما بعد فقد وصل إلي كتابك وفهمت ما سألت عنه وأعجبني اهتمامك بما لابد لك منه وما لا يصلح المسلمين غيره، وظننت أن الذي أخرج ذلك منك نية صالحة ورأي غير مدخول.
أما بعد فعليك بتقوى الله في مقامك ومقعدك وسرك وعلانيتك وإذا قضيت بين الناس فاخفض لهم جناحك ولين لهم جانبك وابسط لهم وجهك وآس بينهم في اللحظ والنظرة حتى لا يطمع العظماء في حيفك لهم ولا ييأس الضعفاء من عدلك عليهم وأن تسأل المدعي البينة وعلى المدعى عليه اليمين.
ومن صالح أخاه على صلح فاجز صلحه إلا أن يكون صلحا يحرم حلالا أو يحلل حراما.
وآثر الفقهاء وأهل الصدق والوفاء والحياء والورع على أهل الفجور والكذب والغدر وليكن الصالحون الأبرار إخوانك والفاجرون الغادرون أعداءك فإن أحب إخواني إلي أكثرهم لله ذكرا وأشدهم منه خوفا وأنا أرجو أن تكون منهم إنشاء الله.
وإني أوصيكم بتقوى الله فيما أنتم عنه مسؤولون وعما أنتم إليه صائرون فإن الله قال في كتابه * (كل نفس بما كسبت رهينة) * [38 / المدثر: 74] وقال ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير) * [28 / آل عمران: 2] وقال: * (فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون) * [92 - 93 / الحجر: 15] فعليكم بتقوى الله فإنها تجمع من الخير ما لا يجمع غيرها ويدرك بها من الخير ما لا يدرك بغيرها من خير الدنيا وخير الآخرة قال الله: * (وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ولدار الآخرة خير ولنعم دار المتقين) * [30 / النحل: 16] اعلموا عباد الله أن المتقين ذهبوا بعاجل الخير وآجله شاركوا أهل الدنيا في دنياهم ولم يشاركهم أهل الدنيا في آخرتهم قال الله عز وجل: * (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من