حينئذ بمصر فلما ساروا إلى عثمان وحصروه وثب هو بمصر على عامل عثمان عليها وهو عبد الله بن سعد بن أبي سرح فطرده عنها وصلى بالناس فخرج ابن أبي سرح من مصر وقال به صر إلى مصر ونزل على تخوم أرض مصر مما يلي فلسطين وانتظر ما يكون من أمر عثمان فلما وصل إليه خبر قتله لحق بمعاوية.
وولى علي عليه السلام قيس بن سعد بن عبادة مصر وقال له: ضر إلى مصر فقد وليتكها واخرج إلى ظاهر المدينة واجمع ثقاتك ومن أحببت أن يصحبك حتى تأتي مصر ولك جند فإن ذلك أرعب لعدوك وأعز لوليك فإذا أنت قدمتها إنشاء الله فأحسن إلى المحسن وشد على المريب وارفق بالعامة والخاصة فإن الرفق يمن.
فقال قيس: رحمك الله يا أمير المؤمنين قد فهمت ما ذكرت فأما لجند فإني أدعه لك فإذا احتجت إليهم كانوا قريبا منك وإن أردت بعثهم إلى وجه من وجوهك كانوا لك عدة ولكني أسير إلى مصر بنفسي وأهل بيتي وأما ما أوصيتني به من الرفق والاحسان فالله تعالى هو المستعان على ذلك.
قال: فخرج قيس في سبعة نفر من أهل بيته حتى دخل مصر فصعد المنبر وأمر بكتاب معه يقرأ على الناس فيه:
من عبد الله علي أمير المؤمنين عليه السلام إلى من بلغه كتابي من المسلمين سلام عليكم فإني أحمد الله إليكم الذي لا إله إلا هو.
أما بعد فإن الله بحسن صنعه وقدره وتدبيره اختار الاسلام دينا لنفسه وملائكته ورسله وبعث به أنبياءه إلى عباده فكان مما أكرم الله هذه الأمة وخصهم به من الفضل أن بعث محمدا صلى الله عليه وآله إليهم فعلمهم الكتاب والحكمة والسنة والفرائض وأدبهم لكيما يهتدوا وجمعهم لكيما لا يتفرقوا وزكاهم لكيما يتطهروا فلما قضى من ذلك ما عليه قبضه الله إليه فعليه صلوات الله وسلامه ورحمته ورضوانه.