ثم إن المسلمين من بعده استخلفوا أميرين منهم صالحين أحييا السيرة ولم يعدوا السنة ثم توفيا فولي بعدهما. من أحدث أحداثا فوجدت الأمة عليه مقالا فقالوا ثم نقموا عليه فغيروا ثم جاؤني فبايعوني وأنا أستهدي الله للهدى وأستعينه على التقوى.
ألا وإن لكم علينا العمل بكتاب الله وسنة رسوله والقيام بحقه والنصح لكم بالغيب والله المستعان وحسبنا الله ونعم الوكيل.
وقد بعثت لكم قيس بن سعد الأنصاري أميرا فوازروه وأعينوه على الحق وقد أمرته بالاحسان إلى محسنكم والشدة على مريبكم والرفق بعوامكم وخواصكم وهو ممن أرضى هديه وأرجو صلاحه ونصحه نسأل الله لنا ولكم عملا زاكيا وثوابا جزيلا ورحمة واسعة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وكتب عبيد الله بن أبي رافع في صفر سنة ست وثلاثين.
فلما فرغ من قراءة الكتاب قام قيس خطيبا فحمد الله وأثنى عليه وقال:
الحمد لله الذي جاء بالحق وأمات الباطل وكبت الظالمين أيها الناس إنا بايعنا خير من نعلم بعد نبينا صلى الله عليه وآله فقوموا وبايعوا على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله فإن نحن لم نعمل فيكم بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله فلا بيعة لنا عليكم.
فقام الناس فبايعوا واستقامت مصر وأعمالها لقيس وبعث عليها عما له إلا أن قرية منها قد أعظم أهلها قتل عثمان وبها رجل من بني كنانة يقال له يزيد بن الحارث فبعث إلى قيس: إنا لا نأتيك فابعث عمالك فالأرض أرضك ولكن أقرنا على حالنا حتى ننظر إلى ما يصير أمر الناس.
ووثب مسلمة بن مخلد الأنصاري به فنعى ودعا إلى الطلب بدم عثمان فأرسل إليه قيس ويحك أعلي تثب والله ما أحب أن لي ملك الشام ومصر وإني قتلتك فاحقن دمك فأرسل إليه مسلمة أني كاف عنك ما دمت أنت والي