وهذا أمر لي فيه نظر وفكر وليس هذا مما يعجل إلى مثله وأنا كاف عنك وليس يأتيك من قبلي شئ تكرهه حتى ترى ونرى إنشاء الله تعالى والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
فلما قرأ معاوية كتابه لم يره إلا مقاربا مباعدا ولم يأمن أن يكون مخادعا مكائدا فكتب إليه أما بعد فقد قرأت كتابك فلم أرك تدنو فأعدك سلما ولم أرك تتباعد فأعدك حربا أراك كخيل الحرون وليس مثلي من يصانع بالخدائع ولا يخدع بالمكائد ومعه عدد الرجال وأعنة الخيل فإن قبلت الذي عرضت عليك فلك ما أعطيتك وإن أنت لم تفعل ملأت مصر عليك خيلا ورجالا والسلام.
فلما قرأ قيس كتابه وعلم أنه لا يقبل منه المدافعة والمطاولة أظهر له ما في نفسه.
فكتب إليه من قيس بن سعد إلى معاوية بن أبي سفيان أما بعد فالعجب من استسقاطك رأيي والطمع في أن تسومني - لا أبا لغيرك - الخروج من طاعة أولى الناس بالامر وأقولهم بالحق وأهداهم سبيلا وأقربهم من رسول الله صلى الله عليه وآله وسيلة وتأمرني بالدخول في طاعتك طاعة أبعد الناس من هذا الامر وأقولهم بالزور وأضلهم سبيلا واتاءهم (1) من رسول الله صلى الله عليه وآله وسيلة ولديك قوم ضالون مضلون طواغيت من طواغيت إبليس.
وأما قولك: إنك تملأ علي مصر خيلا ورجالا فلئن لم أشغلك عن ذلك حتى يكون منك إنك ذو جد والسلام.
فلما أتى معاوية كتاب قيس آيس منه وثقل مكانه عليه وكان أن يكون مكانه غيره أعجب إليه لما يعلم من قوته وبأسه ونجدته فاشتد أمره على معاوية فأظهر للناس أن قيسا قد بايعكم فادعوا الله له وقرأ عليهم كتابه الذي لان