ومن استهان بالأمانة ورتع في الخيانة ولم ينزه نفسه ودينه عنها فقد أحل بنفسه الذل والخزي في الدنيا وهو في الآخرة أذل وأخزى وإن أعظم الخيانة خيانة الأمة وأفظع الغش غش الأئمة والسلام.
بيان: قوله عليه السلام " حيث لا شهيد " كأنه إشارة إلى موضع إسرار العمل وإخفاء الأمور. وقيل يعني يوم القيامة. والشهيد: الشاهد والحاضر والوكيل: من يفوض إليه الأمور أو الشاهد والحفيظ كما فسر به قوله تعالى:
* (والله على ما نقول وكيل) *.
[قوله عليه السلام:] " فقد أدى الأمانة " أي أمانة الله التي أخذها على العباد في عبادته.
[قوله عليه السلام:] " أن لا يجبههم " قال في النهاية أي لا يواجههم بما يكرهونه وأصل الجبه لقاء الجبهة أو ضربها فلما كان المواجه غيره بالكلام القبيح كالضارب جبهته به سمي ذلك جبها. وقال الجوهري: عضهه عضها:
رماه بالبهتان وقد أعضهت أي جئت بالبهتان.
[قوله عليه السلام:] " ولا يرغب عنهم " أي عن مخالطتهم ومعاشرتهم تحقيرا لهم.
وقوله: " أهل مسكنة " منصوب بكونه صفة " لشركاء " وقيل بدل " وبؤسا " قال ابن أبي الحديد هو بؤسي على وزن فعلى والبؤس: الخضوع وشدة الحاجة.
و [المذكور في] النسخ [بؤسا] بالتنوين. وكذا صححه الراوندي فيكون انتصابه على المصدر كما يقال سحقا لك وبعدا لك ويقال: خصمه أي غلبه في الخصومة:
" والسائلون " قيل المراد بهم هنا الرقاب وهم المكاتبون يتعذر عليهم مال الكتابة فيسألون. وقيل: هم الأسارى. وقيل العبيد تحت الشدة. والمدفوعون هم الذين عناهم الله بقوله: * (في سبيل الله) * [60 / التوبة: 9] وهم فقراء الغزاة والمدفوع الفقير لان كل أحد يكرهه ويدفعه عن نفسه.