فقال معاوية: لكن هؤلاء لو فقدوني لما قالوا ولا وجدوا بي شيئا من هذا ثم التفت إلى أصحابه فقال: بالله لو اجتمعتم بأسركم هل كنتم تؤدون عني ما أداه هذا الغلام عن صاحبه؟ فيقال: إنه قال له عمرو بن العاص: الصحابة على قدر الصاحب.
وقال أيضا فيه: روي أن معاوية بن أبي سفيان قال: إني أحب أن ألقى رجلا قد أتت عليه سن وقد رآى الناس يخبرنا عما رآى فقيل له: هذا رجل بحضرموت فأرسل إليه فأتاه فقال له: ما اسمك؟ فقال: أمد. قال: ابن من؟ قال: ابن لبد. قال: ما أتى عليك من السنين؟ قال: ثلاثمائة وستون سنة. قال: كذبت ثم تشاغل عنه معاوية ثم أقبل عليه بعد ذلك فقال له: ما اسمك؟ قال: أمد قال: ابن من؟ قال: ابن لبد قال: ما أتى عليك من السنين؟ قال: ستون وثلاثمائة قال: أخبرنا عما رأيت من الأزمان الماضية إلى زماننا هذا من ذاك؟ قال: يا أمير المؤمنين وكيف تسأل من يكذب؟ قال: إني ما كذبتك ولكن أحببت أعلم كيف عقلك؟ قال: يوم شبيه يوم وليلة شبيهة بليلة يموت ميت ويولد مولود ولولا من يموت لم تسعهم الأرض ولولا من يولد لم يبق أحد على وجه الأرض. قال: فأخبرني هل رأيت هاشما؟ قال: نعم رأيت رجلا طوالا حسن الوجه يقال: إن بين عينيه بركة أو غرة بركة. قال: فهل رأيت أمية قال: نعم رأيت رجلا قصيرا أعمى يقال إن في وجهه أشرا أو شوبا قال:
فهل رأيت محمدا؟ قال: من محمد؟ قال: رسول الله صلى الله عليه وآله قال:
ويحك أفلا فخمته كما فخمه الله فقلت: رسول الله صلى الله عليه وآله قال:
فأخبرني ما كانت صناعتك؟ قال: كنت رجلا تاجرا قال: فما بلغت في تجارتك؟ قال: كنت لا أستر عيبا ولا أرد ربحا.
قال معاوية: سلني قال: أسألك أن تدخلني الجنة قال ليس ذلك بيدي ولا أقدر عليه. قال: فأسألك أن ترد علي شبابي قال: ليس ذلك بيدي ولا أقدر عليه. قال: فلا أرى عندك شيئا من أمر الدنيا ولا أمر الآخرة فردني من حيث جئت قال: أما هذا فنعم ثم أقبل معاوية على جلسائه فقال: لقد أصبح