إلى معاوية فما بالك لا تكفيناه ببعض ما أعطاك الله من هذه القدرة؟ فأطرق قليلا ورفع رأسه إليهم وقال: والذي فلق الحبة وبرئ النسمة لو شئت أن أضرب برجلي هذه القصيرة في طول هذه الفيافي والفلوات والجبال والأودية حتى أضرب بها صدر معاوية على سريره فأقلبه على أم رأسه لفعلت ولو أقسمت على الله عز وجل أن أوتي به قبل أن أقوم من مجلسي هذا وقبل أن يرتد إلى أحد منكم طرفه لفعلت ولكنا كما وصف الله تعالى في كتابه: * (عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون) *.
بيان: قال الجوهري: خسأت الكلب خسأ: طردته وخسأ الكلب نفسه. يتعدى ولا يتعدى.
إرشاد القلوب بإسناده إلى ميثم التمار قال: خطب بنا أمير المؤمنين عليه السلام في جامع الكوفة فأطال في خطبته وأعجب الناس تطويلها وحسن وعظها وترغيبها وترهيبها وإذ دخل نذير من ناحية الأنبار مستغيثا يقول: الله الله يا أمير المؤمنين في رعيتك وشيعتك هذه خيل معاوية قد شنت علينا الغارة في سواد الفرات ما بين هيت والأنبار.
فقطع أمير المؤمنين عليه السلام الخطبة وقال: ويحك بعض خيل معاوية قد دخل الدسكرة التي تلي جدران الأنبار فقتلوا فيها سبع نسوة وسبعة من الأطفال ذكرانا وسبعة إناثا وشهروا بهم ووطؤهم بحوافر الخيل وقالوا هذه مراغمة لأبي تراب.
فقام إبراهيم بن الحسن الأزدي بين يدي المنبر فقال: يا أمير المؤمنين هذه القدرة التي رأيت بها وأنت على منبرك أن في دارك خيل معاوية بن آكلة الأكباد وما فعل بشيعتك ولم يعلم بها هذا فلم تغضي عن معاوية؟.
فقال له: ويحك يا إبراهيم * (ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة) * فصاح الناس من جوانب المسجد: يا أمير المؤمنين فإلى متى يهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة وشيعتك تهلك؟! فقال لهم: